شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الاعتكاف و [القول في] ليلة القدر

صفحة 325 - الجزء 2

مسألة: [في أن أقل الاعتكاف يوم، وشروط الاعتكاف]

  قال: وأقل الاعتكاف يوم. ويجب على من اعتكف أن يدخل المسجد قبل طلوع الفجر إلى العشاء، وينوي الاعتكاف، أو يتلفظ به إن أحب أن يوجبه على نفسه، فيقول: لله عليَّ اعتكاف يوم، أو أيام.

  وجميعه منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  وروي أن أقل الاعتكاف يوم عن أبي حنيفة، وخالف فيه أبو يوسف ومحمد والشافعي.

  والوجه في أن بعض اليوم لا يصح الاعتكاف فيه: أنه زمان لا يكون ما يختصه من الإمساك صوماً شرعياً، فوجب ألا يكون ما يختصه من اللبث اعتكافاً شرعياً، قياساً على زمان الحيض والنفاس وزمان الليل.

  على أن ما ذهبوا إليه يقتضي أحد أمرين قد ثبت فسادهما: وهو أن من نوى اعتكاف نصف النهار إذا اعتكف إلى الظهر صائماً ثم خرج من اعتكافه وأفسد⁣(⁣٢) صومه فلا بد من أن يكون اعتكافه بغير صوم، وقد قدمنا الدليل على فساده، على أن أبا يوسف ومحمداً لا يخالفان فيه، أو يفسد ما مضى من اعتكافه كاملاً صحيحاً، وهذا لا يجوز؛ لأنه يمتنع في جميع العبادات إذا وقعت صحيحة كاملة أن تفسد بعد الفراغ منها بما يعرض بعدها، وكذلك الصيام والحج، فلما ثبت بما بيناه أنه يؤدي إلى أحد أمرين فاسدين ثبت فساده.

  فإن قيل: روي عن عائشة أنها قالت: «كان النبي ÷ إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه»⁣(⁣٣) وفي هذا أنه ÷ كان يعتكف في بعض النهار.


(١) الأحكام (١/ ٢٣٢، ٢٤٤).

(٢) في (ب): فأفسد.

(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٨٣١)، وأبو داود (٢/ ٢٠١).