شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم من الكفارات

صفحة 509 - الجزء 2

  وذهبت الإمامية إلى أن لا جزاء على العائد؛ لأن الله تعالى ذكر الانتقام [من العائد]⁣(⁣١) ولم يذكر الجزاء، وهو مذهب داود.

  والذي يدل على ما ذهبنا إليه عموم قوله سبحانه: {وَمَن قَتَلَهُۥ مِنكُم مُّتَعَمِّداٗ فَجَزَآءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنَ اَ۬لنَّعَمِ}⁣[المائدة: ٩٧]، وهذا عموم في العائد والمبتدئ، وتخصيصه سبحانه العائد بالانتقام لا يمنع هذا العموم من الاستغراق، وهو أيضاً قياس على المبتدئ بعلة أنه محرم قتل الصيد متعمداً، والأصول شاهدة لقياسنا؛ لأن الجنايات لا تختلف أحكامها بالابتداء والعود، وهذا أكثر من أن يحصى.

مسألة: [في أن المماثلة في الجزاء هي المماثلة في الخلقة دون القيمة]

  قال: فمن وجبت عليه بدنة وأحب العدول عنها إلى الطعام أطعم مائة مسكين، وإن اختار الصيام صام مائة يوم، ومن وجبت عليه بقرة واختار الإطعام أطعم سبعين مسكيناً، وإن اختار الصيام صام سبعين يوماً، ومن وجبت عليه شاة واختار الإطعام أطعم عشرة مساكين، وإن اختار الصيام صام عشرة أيام.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣٢).

  وهذه الجملة مبنية على أن المماثلة المطلوبة في جزاء الصيد مماثلة الخلقة دون القيمة، فنبدأ الكلام فيه، فنقول: الدليل على ذلك قول الله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُۥ مِنكُم مُّتَعَمِّداٗ فَجَزَآءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنَ اَ۬لنَّعَمِ}⁣[المائدة: ٩٧]، فجعل سبحانه جزاء الصيد المقتول ما كان مثلاً له، والمثل⁣(⁣٣) إذا أطلق في اللغة والعرف جميعاً أراد ما ماثل الشيء وسد مسده فيما يختصه من هيئة أو خلقة أو نحوهما، ولم يرد به


(١) ما بين المعقوفين من (د). وفي (ب): ذكر الانتقام منه ولم يذكر الجزاء.

(٢) الأحكام (١/ ٢٩٩) والمنتخب (١٩٠).

(٣) في (أ، ب، ج): فالمثل.