شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في أمان أهل الإسلام لأهل الشرك

صفحة 536 - الجزء 6

  حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}⁣[البقرة: ١٩٠]، وقوله: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ اُ۬لصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ اُ۬لزَّكَوٰةَ فَإِخْوَٰنُكُمْ فِے اِ۬لدِّينِۖ}⁣[التوبة: ١١]، وقوله: {قَٰتِلُواْ اُ۬لذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ... إلى قوله: {حَتَّيٰ يُعْطُواْ اُ۬لْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٖ وَهُمْ صَٰغِرُونَۖ ٢٩}⁣[التوبة]، ولو خلينا وظاهر هذه الآيات لم يكن لهم إلا السيف أو الإسلام أو الجزية؛ إلا أن⁣(⁣١) النبي ÷ أمن أهل مكة مدة، وقال ø: {وَإِنْ أَحَدٞ مِّنَ اَ۬لْمُشْرِكِينَ اَ۪سْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّيٰ يَسْمَعَ كَلَٰمَ اَ۬للَّهِ}⁣[التوبة: ٦]، فجعل لذلك حداً، وقال: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَيٰ مُدَّتِهِمْۖ}⁣[التوبة: ٤]، فلم يجعل⁣(⁣٢) لهم الأمان ورفع السيف والمطالبة بالجزية إلا إلى مدة مضروبة، فوجب أن يكون ذلك حكم الأمان، وإلا أدى إلى ألا يجب أن يحكم فيهم بالسيف أو إعطاء الجزية، بأن يحصل لهم الأمان المؤبد. وأيضاً لا أعرف خلافاً في أن الحربي إذا دخل إلينا بأمان لا يجوز أن يؤمن على التأبيد بغير الذمة والجزية، فوجب أن يكون ذلك حكمهم في دار الحرب، بعلة أنه أمان مؤبد للكافر بغير الذمة والجزية.

مسألة: [في افتتاح قرية قد أمن جماعة من المسلمين جماعة من المشركين فيها]

  قال: ولو أن جماعة من المسلمين أمنوا جماعة من المشركين في قرية من القرى ثم افتتحت تلك القرية لم يكن للمسلمين سبيل على الذين حصل لهم الأمان، ولا على أموالهم وأولادهم⁣(⁣٣).

  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن أمان واحد أو جماعة من المسلمين جائز على جميع المسلمين، فإذا حصل لهم الأمان من واحد أو جماعة من المسلمين حرمت دماؤهم وأموالهم والصغار من أولادهم على جميع المسلمين، ألا ترى إلى قوله ÷: «ويسعى بذمتهم أدناهم»؟


(١) في (أ، ب، ج، د): لأن النبي.

(٢) في (أ، ب، ج، د): يحصل.

(٣) الأحكام (٢/ ٤٠٦).