باب القول في المياه
  نجاستها(١). فلما أباح له مقاربة الحائض ومنع من مقاربة نجاستها علم أنه لا يجعل أعضاء الحائض نجسة إذا لم يكن عليها نجاسة. ونص على أن سؤر الحائض طاهر، مع تنجيسه سؤر الكافر، فدل على أنه لا ينجس أعضاء الحائض.
  وفي ذلك: ما أخبرنا به أبو عبدالله محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر للحق، عن محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: (عاد رسول الله ÷ وأنا معه رجلاً من الأنصار، فتطهر للصلاة، ثم خرجنا فإذا نحن بحذيفة بن اليمان، فأومأ إليه رسول الله ÷ فأقبل إليه، فأهوى رسول الله ÷ إلى ذراع حذيفة ليدعم عليها، فنخسها حذيفة؛ فأنكر ذلك رسول الله ÷ فقال: «ما لك يا حذيفة؟» فقال: إني جنب، فقال: «أبرز ذراعك، فإن المسلم ليس ينجس»، ثم وضع كفه على ذراعه وإنها لرطبة(٢).
  فالأولى على ما بيناه هو القول بطهارة الماء المستعمل، على أن تنجيسه ليس يحفظ إلا عن أبي حنيفة في رواية شاذة.
  قال أبو بكر الجصاص في شرحه مختصر الطحاوي(٣): والصحيح من مذهب أصحابنا أن الماء المستعمل طاهر، قال: وكذا كان يقول أبو الحسن الكرخي.
مسألة: [في حد الكثير والقليل من الماء]
  قال: والكثير هو: الماء الذي جرت العادة في مثله ألا يستوعب شرباً وطهوراً، كالبئار النابعة، والأنهار الجارية، والبرك الواسعة.
  والقليل: ما دونه.
(١) الأحكام (١/ ٣٢٧).
(٢) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ٢٥٦) ولفظها: فأومأ رسول الله ÷ إلى ذراع حذيفة ليدعم عليها فنخسها حذيفة ... إلخ.
(٣) شرح مختصر الطحاوي (١/ ٢٣٨).