باب القول في الشهادات
  احتياطاً، وقد روي ذلك عن علي #(١)؛ ولأن الحاكم منصوب لأن يحتاط للمسلمين بما يمكنه ما لم يؤد ذلك إلى الإضرار بأحد الخصمين، فله أن يأتي في ذلك ما يغلب على ظنه أنه هو الاحتياط وأنه(٢) لا مضارة فيه لأحد الخصمين، وإذا ثبت ذلك كان التحليف محمولاً عليه في أن الحاكم يأتي ما يراه من ذلك احتياطاً.
مسألة: [في شهادة الصبيان على بعضهم]
  قال: وتجوز شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما بينهم من الشجاج ما لم يتفرقوا، فإذا تفرقوا لم تجز(٣).
  وبه قال مالك، وحكي عن ابن أبي ليلى أيضاً قبول شهادة بعضهم على بعض من غير ذكر التفصيل، ومنع أبو حنيفة وأصحابه والشافعي قبولها.
  وهو مروي عن علي #(٤)، وقوله عندنا متبع.
  قبول الشهادات مبني على حسب الضرورات، ألا ترى أن الحدود لما لم تكن في إقامتها ضرورة لم تقبل فيها إلا شهادة الرجال فقط، والأموال والحقوق لما كثرت فيها الضرورات قبل فيها شهادة النساء مع الرجال، وقبل فيها الشاهد واليمين عندنا وعند الشافعي، والشهادة على الشهادة، وأما الاستهلال وأمراض الفروج لما دعت الضرورة فيها إلى قبول شهادة النساء وحدهن قبلت شهادتهن منفردات عن الرجال؛ لأن العادة الغالبة أنهن لا يحضرهن(٥) الرجال في هذه الحالة، وكذلك عندنا وعند أبي حنيفة [تجوز شهادة اليهود على اليهود والنصارى على النصارى لما ذكرنا، وإن كان أبو حنيفة](٦) يقبل(٧) شهادة أهل الذمة بعضهم
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٤٨٩) ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٠٨).
(٢) في (أ، ب، ج، د): فإنه.
(٣) الأحكام (٢/ ٣٥٦).
(٤) أخرجه عبدالرزاق في المصنف (٨/ ٣٥٠، ٣٥١) وابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٣٦٠).
(٥) في (أ، ج): يحضرن.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٧) في (أ): تقبل.