باب القول في التعزير
باب القول في التعزير
  لا يبلغ بالتعزير(١) حد صاحبه، حراً كان أو عبداً، بل يكون دونه بسوط أو سوطين على ما يراه الإمام(٢).
  تحصيل المذهب عندي - والله أعلم - أن ننظر إلى الجناية والجاني، فإن كانت الجناية من جنس الوطء وكان الجاني حراً ضرب أكثر ما يضرب دون المائة بسوط أو سوطين، وإن كان عبداً فأكثره دون الخمسين بسوط أو سوطين، وإن كانت الجناية من جنس الشتم للمسلمين والتعرض(٣) لهم باللفظ القبيح فأكثره دون الثمانين إن كان حراً، ودون الأربعين إن كان عبداً، وإن كان من جنس السرقة فقياس قوله أن يكون دون المائة إن كان حراً؛ لأن القطع أعظم من جلد مائة، والله أعلم.
  واختلف العلماء في التعزير، فروي عن مالك وأبي يوسف: أنه على ما يراه الإمام بالغاً ما بلغ، وروي أيضاً عن أبي يوسف - وهو الأشهر - خمس وسبعون، وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى، وقال أبو حنيفة ومحمد: دون الأربعين، وأظنه قول الشافعي.
  والأصل فيه: ما وري أن علياً # جلد رجلاً وجد مع امرأة ولم تقم الشهادة بالزنا دون المائة بسوط أو سوطين، وروي أنه أفتى بذلك أيضاً، وروي نحوه عن عمر، ولم يحفظ عن غيرهما خلاف ذلك، فجرى مجرى الإجماع، على أن قول أمير المؤمنين عندنا حجة، وكذلك فعله.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا يُجْلَد فوق عشر جلدات إلا
(١) في (هـ): التعزير.
(٢) الأحكام (٢/ ١٦٩) والمنتخب (٦٢٨).
(٣) في (أ، ج): والتعريض.