باب القول في الذين لا توارث بينهم
باب القول في الذين لا توارث بينهم
  لا يرث قاتل العمد من المقتول شيئاً، ويرث قاتل الخطأ من مال المقتول دون ديته(١).
  لا خلاف بين المسلمين أن قاتل العمد على وجه المعصية لا يرث؛ لما روي عن النبي ÷: «لا يرث القاتل»، وروي: «لا ميراث لقاتل».
  ولا خلاف أيضاً أعرفه أن القاتل عمداً كان أو خطأً لا يرث من دية المقتول، فأما المال فقد اختلفوا فيه، فذهب أبو حنيفة وأصحابه والشافعي والثوري وعامة العلماء إلى أنه لا يرث منه كقاتل العمد، وذهب مالك إلى أنه يرث المال ولا يرث الدية مثل قولنا، وبه قال الأوزاعي.
  والحجة فيه الحديث الذي رواه داود القطبي(٢) بإسناده عن محمد بن سعيد الطائفي - وليس هو محمد بن سعيد الشامي؛ إذ الشامي قيل: إنه كان ملحداً، وإنه صلب، ويعرف بالمصلوب - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبدالله بن عمرو أن رسول الله ÷ قام يوم فتح مكة فقال: «لا توارث بين أهل ملتين، والمرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمداً، فإن قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته وماله شيئاً، وإن قتله خطأً ورث من ماله ولم يرث من ديته»(٣)، فما ذهبنا إليه هو الذي صرح به ونص عليه ÷.
  فإن قيل: روي عن علي # - رواه خلاس - أن رجلاً رمى بحجرٍ فأصاب أمه فقتلها فغرمه علي # الدية ونفاه من الميراث، وقال: (إنما حظك من ميراثها الحجر)(٤).
(١) الأحكام (٢/ ٢١٩).
(٢) كذا في المخطوطات. ولم أجد هذا الاسم في كتب التراجم، ولعله الدارقطني، فهو قد أخرج الحديث.
(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ١٢٧) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٦٣).
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٦٢).