شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في قضاء الصيام

صفحة 318 - الجزء 2

مسألة: [في أن المتطوع إذا أفطر لم يجب عليه القضاء]

  قال: ومن دخل في صيام متطوعاً ثم أفطر لم يجب عليه قضاؤه.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١)، وقد استقصينا الكلام⁣(⁣٢) في هذا الباب في مسألة من دخل في صلاة التطوع ثم أفسدها من كتاب الصلاة، فلا غرض في إعادته.

مسألة: [في أن من جن في رمضان ثم أفاق لزمه القضاء]

  قال: ولو أن رجلاً جُنَّ شهر رمضان كله ثم أفاق لزمه القضاء، وكذلك إن جُن بعض الشهر قضاه.

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣٣)، وقال فيه: «إنما هو علة عرضت» فدل على أن المراد به الجنون الطارئ بعد التكليف، وعلى ذلك حمله أبو العباس الحسني ¦ في النصوص، وهو صحيح؛ لأن الجنون إذا لم يكن طارئاً على التكليف يكون سبيل صاحبه سبيل من لم يبلغ، فلا يلزمه قضاء ما فاته من الصوم.

  والأصل في ذلك: قول الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ اُ۬لشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَيٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}⁣[البقرة: ١٨٤]، فأوجب القضاء على المريض والمسافر، والجنون مرض؛ فلزمه القضاء.

  فإن قيل: روي عن رسول الله ÷: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق ...».

  قيل له: كذلك نقول، ولا نوجب عليه القضاء إلا بعد الإفاقة، وسقوط وجوب الصوم عنه في حال الجنون لا يدل على سقوط القضاء، كالمريض والحائض والنفساء.

  ولا خلاف أن من أغمي عليه الشهر كله يقضيه إذا أفاق، فكذلك إذا جُنَّ،


(١) الأحكام (١/ ٢٣٠).

(٢) في (أ): هذا الكلام.

(٣) المنتخب (١٧٧).