باب القول في المياه
  أن يقال فيه ما قلناه في هذا الخبر، وما لم يشاركه فيها لم يصح أن يقال ذلك فيه.
  ومنها: أن القُلَّة اسم لرأس الجبل، فلا يمتنع أن يكون النبي ÷ أراد إذا بلغ الماء قلتي الجبل كثرة لم يحمل الخبث ولم ينجس، وهذا هو ما نذهب إليه.
  فإن قيل: أراد النبي ÷ بقلال هجر؛ لأن قلال هجر كانت معروفة إذ ذاك، وقد ذكرها النبي ÷ في بعض الأخبار.
  قيل له: نحن لا نمنع أنها كانت معروفة، ولكن كون القلة اسماً لرأس الجبل كان أيضاً مشهوراً، وكونه اسماً للكوز كان أيضاً معروفاً، فإذا احتمل اللفظ معاني مختلفة لم يكن صرفه إلى بعضها أولى من صرفه إلى بعض.
  على أن قلال هجر قد قيل: إنها تكبر وتصغر، فلا يمكن التحديد بها، وقد بينا ما دل على نجاسة هذا المقدار من الماء بما ذكرناه في صدر كتابنا من الأخبار والقياس؛ فوجب أن يكون صحيحاً ما تأولناه دون ما تأوله المخالف.
  على أن ترتيب الشرع يبعِّد أن يرد الشرع بمذهبهم في القلتين؛ لأن من مذهبهم أن قلتين من الماء منفردتين لو كانتا نجستين ثم صبت إحدى القلتين على الأخرى لطهر جميع الماء، ومن البعيد أن يكون الماءان النجسان يصيران بالخلط طاهرين، وكذلك لو نقص ماء نجس عن القلتين لكان نجساً، ثم لو أكمل ذلك بالبول لصار طاهراً، وهذا أبعد من الأول، ومثل هذا لا يجوز لخبر حاله في الضعف والاضطراب والتعارض واحتمال التأويلات ما ذكرناه.
مسألة: [في التطهر بسؤر ما يؤكل لحمه]
  قال: ولا بأس بالتطهر بسؤر جميع ما أكل لحمه، وهذا إذا لم يتغير باللعاب.
  ولست أحفظ عن يحيى فيه لفظاً صريحاً، إلا أنه قد نص على تطهير بول ما أكل لحمه، فبالأولى أن يطهر سؤره، وقد نص على الخيل والبغال والحمير، فقال: