باب القول فيما يجوز من الهبة وما لا يجوز
  حكى أبو الحسن الكرخي هذا القول مطلقاً ولم يحك فيه خلافاً، فلا أدري أهو قول جميعهم أم فيه خلاف؟
  ووجهه: أن الموهوب له هو العبد، وإن أبى العبد قبوله بطلت الهبة، فيجب أن يكون القبول إليه، كما أن العبد إذا كان هو البائع أو المشتري فيجب أن يكون الإيجاب والقبول من جهته وإن كان الملك ينتقل إلى سيده، فكذلك الهبة، وهذا كالوكيل يجب أن يكون الإيجاب والقبول إليه وإن كان الملك يصير للموكل، والعلة في الجميع أن التصرف للمعقود عليه(١) وإن كان عن غيره.
  قال: وكذلك إن أوصى لعبد غيره بوصية فقبلها العبد صحت الوصية وكان الشيء لمالك العبد، وإن لم يقبلها بطلت(٢).
  ووجه هذه ما مضى في الأولى.
مسألة: [في هبة الرجل أكثر من ثلث ماله دفعة]
  قال في المنتخب(٣): ولا يجوز لرجل أن يهب في دفعة واحدة أكثر من ثلث ماله.
  وهذا خلاف رواية الأحكام [على ما يجيء في الباب الثاني. والمعمول عليه هو رواية الأحكام](٤)؛ لأن هذا قول لا أعلم أحداً قال به قبله.
  ووجه هذا القول: قول الله ø: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَيٰ عُنُقِكَ ...} الآية(٥) [الإسراء: ٢٩]، فنهى ø عن الإسراف في الإمساك وفي الإعطاء، فوجب القصد في ذلك، وهو الثلث؛ ليلحق جواز الوصية به. وعن
(١) في (هـ): له. وفيها: «عليه» نسخة.
(٢) الأحكام (٢/ ١٤٢).
(٣) المنتخب (٥٣١).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٥) «الآية» ساقط من (أ، ج).