باب القول في صفة الطلاق وتنوعه
  وروى هناد بإسناده عنه # قال: (من طلق طلاق السنة لم يندم).
  وروى عن عمر أنه كان إذا رأى رجلاً طلق امرأته ثلاثاً في مجلس واحد أوجعه ضرباً، وفرق بينهما(١). ولا يجوز أن يضرب على المباح، ولا على أمر عرفه بالاجتهاد، فدل ذلك على أنه عرف النهي نصاً.
  وروي عن ابن عباس أن رجلاً جاءه فقال: إني طلقت امرأتي ثلاثاً، فقال: إن أحدكم يطلق فيركب الأحموقة ثم يقول: يا ابن عباس، وإن الله تعالى قال: {وَمَنْ يَّتَّقِ اِ۬للَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجاٗ ٢}[الطلاق] فإنك لم تتق الله، فما أجد لك مخرجاً، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك(٢).
  وروي نحوه عن غيرهم من الصحابة، كابن مسعود وغيره، ولم يرو خلافه عن أحد منهم، فكان ذلك جارياً مجرى الإجماع، فوجب به صحة ما قلناه.
  وقد استدل على ذلك بما روي أن النبي ÷ قال لابن عمر حين طلق امرأته حائضاً: «مره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، وتطهر، ثم يطلقها إن شاء» فلولا أن السنة تقتضي أن يكون بين الطلاقين حيضة لم يكن لقوله ÷ حتى تطهر ثم تحيض وتطهر معنى، بل كان يقول: حتى تطهر ثم يطلق.
مسألة: [في طلاق العبد وطلاق غير المدخول بها ثلاثاً]
  قال: والعبد يطلق ثلاثا كما يطلق الحر. وإذا(٣) لم يكن الرجل دخل بالمرأة لم يمكنه أن يطلقها ثلاثا حتى يبتدئ النكاح ثلاثا.
  ما ذكرنا من أن العبد يطلق ثلاثا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٤)، وهذا قد مضى الكلام فيه في كتاب النكاح في مسألة نكاح العبيد، فلا وجه لإعادته.
(١) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٦١).
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ١٢٦).
(٣) في (أ، ج): فإذا.
(٤) الأحكام (١/ ٣٢٢) والمنتخب (١٦٣).