شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوصي وما يجوز له فعله

صفحة 464 - الجزء 5

مسألة: [في جعل بعض السلاطين الظلمة أمر صغار الورثة إلى بعض كبارهم إذا مات الأب ولم يوص إلى أحد]

  قال: ولو أن رجلاً مات وخلف أولاداً صغاراً وكباراً ولم يوص فجعل بعض السلاطين الظلمة أمر الصغار إلى بعض الكبار وجعله وصياً عليهم جاز ذلك⁣(⁣١).

  هذا مبني على أن الولاية تصح بتولية الظلمة إذا كان المولى ممن يصلح للولاية، وبه قال أكثر العلماء، وقد نبه يحيى بن الحسين # على ذلك بما ذكر أيضاً في الأحكام⁣(⁣٢) من قوله: يقر من أحكامهم ما وافق الحق. وإلى نحو ذلك أشار أحمد بن عيسى فيما حكاه عنه محمد بن منصور في جامعه.

  ووجهه: ما صح عن عدة من الصالحين الفضلاء أنهم تقلدوا القضاء من جهة الظلمة في أيام بني أمية وبني العباس، ولم ينكر ذلك عليهم غيرهم من أهل الفضل والصلاح مع انتشار ذلك وظهوره، فصار ذلك إجماعاً، وقد قيل: إنه يحتمل أن يكونوا تقلدوا برضا جماعة من المسلمين، فتكون ولايتهم من قبل المسلمين لا من قبل الظلمة، ويكون الظلمة لهم في حكم المعينين والأعضاد، وظاهر الحال بخلاف ذلك؛ لأنه لم يرو عن أحد منهم أنه فعل ذلك بتحصيل رضا المسلمين وبأمرهم، وكان الظاهر أنهم تصرفوا بتولية الظلمة لهم، والأمر المحتمل لا يعترض به على الأمر الظاهر، كيف ولم يرو عن أحد من المسلمين الذين كفوا عن النكير عليهم أنهم استبحثوا عن أحوالهم في رضا المسلمين بهم، وأن⁣(⁣٣) الكف عن النكير عليهم كان بعد ذلك؟ فلم يجب صرف الأمر إلى ذلك الوجه.


(١) المنتخب (٥٣٩، ٦٧١).

(٢) الأحكام (٢/ ٣٩٣).

(٣) في (أ، ج): ولأن.