باب القول في أدب القاضي
  قفيز بقفيزين وجب نقض حكمه؛ لأن القياس قد ثبت(١) أنه حق، وأنه ليس من مسائل الاجتهاد، وأجمع القائسون على تحريم ما ذكرنا. وجملة الأمر أن الحكم إذا نفذ بإمضاء حاكم لا يكون طريقه الاجتهاد وقد(٢) كان على خلافه دليل فيجب أن ينقض، سواء حكم به باغ أو عادل، وما كان بخلاف ذلك لم يجز نقضه.
  والأقرب على مذهبه أن بيع أم الولد إذا حكم به حاكم لم يجز نقضه، وكذلك الموسر إذا باع المدبر وحكم به حاكم، وما لا يجوز نقضه إذا حكم به الحاكم من فروع الأحكام أكثر من أن يعد ويحصى، فعلى هذا يجب أن يجري الباب.
مسألة: [في القضاء على الغائب]
  قال: ويجوز القضاء على الغائب تخريجاً(٣).
  دلت مسائله على ذلك، وبه كان يقول أبو العباس الحسني ¥، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يجوز القضاء على الغائب، وبه قال أصحابه.
  والذي يدل على ذلك: قول الله ø: {۞وَأَنُ اُ۟حْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اَ۬للَّهُ}[المائدة: ٥١]، وقال: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِۖ}[المائدة: ٤٤]، وقال: {يَٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلْنَٰكَ خَلِيفَةٗ فِے اِ۬لْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ اَ۬لنَّاسِ بِالْحَقِّ}[ص: ٢٥]، ولم يستثن غائباً من حاضر، فوجب الحكم على الجميع.
  فإن قيل: من أين ثبت(٤) أن الحكم على الغائب حكم بما أنزل الله أو
(١) في (ب، د، هـ): قد صح.
(٢) في (أ، ب، ج، هـ): «قد» بدون واو.
(٣) لقوله في مواضع: إن القاضي ينصب وكيلاً عن الغائب ويحكم عليه، وقال في مسائل إسحاق بن إبراهيم: من أقام شهوداً على غائب بحق له عليه عند الحاكم لا يحتاج أن يرد الشهود إذا قدم الغائب بعد حكمه. قال: ولو كان للغائب مال فباع الحاكم عليه وقضى الغرماء ديونه جاز، وهذا كالنص الصريح ليحيى #. (شرح القاضي زيد).
(٤) في (أ، ج): يثبت.