باب القول فيما يحدث الراهن في الرهن
باب القول فيما يحدث الراهن في الرهن
  ليس للراهن أن يحدث في الرهن شيئاً من مكاتبة ولا تدبير، ولا بيع، ولا صدقة، ولا هبة، ولا نكاح، ولا مؤاجرة(١).
  والوجه في هذا: ما أجمع عليه من أن الراهن ليس له أخذ الرهن من المرتهن على وجه يخرجه عن(٢) كونه رهناً إلا بإيفاء الدين أو بإبراء المرتهن له أو رضا المرتهن بفسخ الرهن، وقد ثبت بما بيناه أن بطلان قبض المرتهن مخرج للرهن عن(٣) كونه رهناً، وكل هذه الأشياء مما يبطل قبض المرتهن لاستحقاق قبض غيره، فوجب ألا يصح ذلك من الراهن؛ لأن في صحته صحة أخذ الرهن من المرتهن على وجه يوجب إخراجه من الرهن، وذلك فاسد. وأيضاً لو أجزناه للراهن لم يكن لأخذ الرهن فائدة، ولم يكن الرهن توثقة للمرتهن؛ لأن الراهن إذا جاز له أن يتصرف فيه خرج الرهن عن معناه.
  قال: فإن باعه بإذن المرتهن صح البيع(٤).
  أما إذا باعه بإذن المرتهن فلا خلاف في صحة البيع؛ لأنهما إذا تراضيا فيه بالفسخ أو البيع أو غيرهما جاز ذلك، وأما إذا باعه بغير إذن المرتهن فالأقرب على أوضاعنا أن البيع يقف على التسليم، ويكون ذلك كالعيب فيه، كما نقول في بيع المغصوب والآبق وبيع المستأجر، فإن شاء المشتري صبر إلى حين يمكن التسليم، وإن شاء فسخ البيع، وهذا معنى قوله: إن البيع فاسد، أي: غير مستقر، فللمشتري إفساده. وهذا وإن(٥) كان كالعيب في إمكان الرد فهو أوكد من
(١) الأحكام (٢/ ١٠٢).
(٢) في (أ، ب، ج، د): من.
(٣) في (أ، ب، ج، د): من.
(٤) المنتخب (٤٣٠، ٤٣١).
(٥) في (أ، ب، ج، هـ): وهذا إذا.