شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في جنايات المماليك

صفحة 436 - الجزء 5

  والعلة أنه جناية وقعت ممن يجوز أن تستحق رقبته بالمال، فوجب أن يستوي فيه عمد الجناية وخطؤها. وليس يلزم عليه الحر؛ لأن رقبته لا يجوز أن تستحق بالمال، ولا البهيمة⁣(⁣١)؛ لأن عمد جنايته لا يثبت في رقبته.

  وبهذين الطريقين تبين أن حكم المال في هذا الباب حكم النفس؛ لأن أصحابنا لم يفصلوا في ذلك بين المال والنفس، نص يحيى بن الحسين على ذلك في مسألة الأمة تأبق وتدعي الحرية وتتزوج. وعند أبي حنيفة حكم المال مخالفٌ لذلك، وقول أبي حنيفة في المال هو الذي حكيناه عن الشافعي، والشافعي يقول في خطأ الجناية على النفس كما يقول في المال هو وأبو حنيفة.

  فإذا ثبت ما قلناه من أن رقبة العبد تستحق بالجناية إلا أن يفديه مولاه بأرش الجناية وجب أن يستحقها ولي الدم عن العمد؛ إذ لا سبيل هناك إلى الافتكاك بالفداء، وإذا استحقها كان بالخيار بين أن يقتله قصاصاً وبين أن يسترقه مكان الدية، على ما سلف القول في أن ولي الدم مخير بين القصاص والدية.

  وأما الفداء له⁣(⁣٢) من جناية الخطأ بأرش الجناية فلا خلاف أنه لمولاه إن اختار ذلك. وما قلناه من⁣(⁣٣) أنه في الخطأ يسلم للاسترقاق دون القتل لا خلاف فيه؛ لأن الخطأ لا قود فيه.

مسألة: [في جناية أم الولد]

  قال: وإذا قتلت أم الولد عمداً سلمت للقتل دون الاسترقاق، وإن قتلت خطأ التزم مولاها قيمتها لولي الدم، وهذا إذا كانت قيمتها مثل الدية أو دون الدية، فأما إن زادت على الدية فلا يلزمه أكثر من الدية⁣(⁣٤).


(١) في (ب، د): التهمة.

(٢) في (أ، ج): وأما الفدية من. وفي (ب، د): وأما الفداية من.

(٣) «من» ساقط من (أ، ج). وفي (ب): في.

(٤) الأحكام (٢/ ٢٢٤).