شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الظهار

صفحة 381 - الجزء 3

  ÷ أمرهما بالكفارة من غير أن يسألهما⁣(⁣١) هل أعدتما القول وجعل ذلك شرطاً فيما ألزمهما - دليل على أنه لا اعتبار به.

  على أن الظاهر لا يقتضي ما قالوه؛ لأن قائلاً لو قال: «حرَّم فلان كذا على نفسه ثم عاد لما حرَّم» لم يعقل من ظاهر قوله تكرير لفظ التحريم، وإذا ثبت أن الظاهر لا يقتضيه وجب أن يرجع إلى ما سواه، فكان أولى الوجوه ما ذكرناه على ما بيناه ورتبناه.

مسألة: [في كفارة الظهار]

  قال: والكفارة أن يعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً من المسلمين، ثم يحل له من بعد ذلك مداناتها.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢). وهذه الجملة مما لا خلاف فيها.

  والأصل فيه: قول الله تعالى: {وَالذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٖ} الآية [المجادلة: ٣].

  وروي أنها نزلت في شأن خولة بنت مالك، وقيل: خويلة، وقيل جميلة، رواه يحيى # في الأحكام وأبو داود في السنن⁣(⁣٣) بألفاظ مختلفة، وروي أنها كانت تحت أوس بن الصامت فأتت النبي ÷ فقالت: ظاهر مني زوجي أوس، وشكت حالها إلى النبي ÷، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقال النبي ÷: «يعتق رقبة» قالت: لا يجد، قال: «فيصوم شهرين متتابعين» قالت: يا رسول الله، إنه شيخ كبير ما به من صيام⁣(⁣٤)، قال: «فليطعم ستين مسكيناً» قالت: ما عنده شيء يتصدق به، قال: «فإني سأعينه بعرق من تمر» قالت: وإني أعينه


(١) في (د): يسأل.

(٢) الأحكام (١/ ٣٨٣).

(٣) سنن أبي داود (٢/ ١٣٢).

(٤) في المخطوطات: ما به ما صام. والمثبت من سنن أبي داود.