باب القول في أدب القاضي
  ومن التسوية بينهما ألا يكلم واحداً منهما إذا حضراه(١)، بل يخلي حتى يتكلما، أو يقول: ما لكما؟ أو ما الذي جاء بكما؟ ولا يفرد أحدهما بالكلام.
مسألة: [في استحباب البدء باستماع أضعف المدعيين]
  قال: ويستحب أن يبدأ بالاستماع من أضعفهما، إلا أن يكون القوي هو المستعدي(٢).
  وهذا إذا كان كل واحد منهما يستعدي على صاحبه، فأما إذا كان المستعدي أحدهما فيجب أن يسمع كلام المستعدي قوياً كان أو ضعيفاً.
  وإنما استحب أن يبدأ بالاستماع من أضعفهما لأنه لا يمكن أن يستمع كلامهما معاً؛ لأنه يمنع من تفهم ما يوردان، فلا بد من استماع كلام أحدهما، فرأى أن استماع كلام الأضعف أولى؛ لأنه يجبر بذلك ضعفه، ويكسبه بعض القوة حتى تكون نفسه تقوى على مخاصمة من هو أقوى منه؛ إذ لو ابتدأ باستماع كلام الأقوى كان قد زاد هذا الضعيف ضعفاً، وذلك خلاف التسوية. فأما إذا كان المستعدي هو الأقوى فلا بد من استماع كلامه وإلا كان ظالماً(٣).
مسألة: [في الأحوال التي يكره للقاضي القضاء فيها]
  قال: ويكره أن يقضي وهو غضبان، أو جائع شديد الجوع، أو مشتغل القلب بأمر من الأمور سوى ما هو فيه(٤).
  وذلك لما رواه زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ أن رسول الله ÷ قال له حين بعثه إلى اليمن: «يا علي، لا تقضِ بين اثنين وأنت غضبان».
  وروى غيره أيضاً عن النبي ÷ قال: «لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان»(٥).
(١) في (أ، ج): حضره.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٥٠).
(٣) في (هـ): ظلماً.
(٤) الأحكام (٢/ ٣٥٠).
(٥) أخرجه البخاري (٩/ ٦٥) ومسلم (٣/ ١٣٤٢).