[باب القول في الغسل]
  فإن قيل: هذا الذي أشرتم إليه هو التخصيص دون النسخ.
  قيل له: التخصيص إذا ورد بعد استقرار العموم واستقرار حكمه يكون نسخاً، وإنما لا يكون نسخاً إذا لم يتأخر التخصيص عنه؛ ألا ترى أنه إذا تأخر فلا بد من أن يرتفع بعض الأحكام الثابتة بالنص الذي هو العموم بعد استقراره؟ وهذا هو سبيل النسخ وطريقه.
مسألة: [في أن على الممني أن يبول قبل الغسل]
  قال: ولا يجزئ الجنب إذا أمنى إلا أن يبول قبل الغسل.
  وقد نص على ذلك في الأحكام والمنتخب(١).
  والدليل على ذلك: ما أخبرنا به أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا أبو زيد العلوي، وأخبرنا محمد بن عثمان النقاش، قالا: حدثنا الناصر للحق # قال: حدثنا محمد بن منصور، عن حسين بن نصر بن مزاحم، عن خالد بن عيسى العُكْلِي(٢)، عن حصين بن مخارق، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال رسول الله ÷: «إذا جامع الرجل فلا يغتسل حتى يبول، وإلا تردد بقية المني فكان منه داء لا دواء له»(٣).
  فنهى عن الغسل قبل أن يبول، وعندنا أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، وأنه لا يقع موقع الصحيح، وإذا كان ذلك كذلك فالمغتسل قبل البول كأنه لم يغتسل.
  فإن قيل: إنه ÷ قد بين الغرض بالنهي عنه بقوله: «وإلا تردد بقية المني فكان منه داء لا دواء له» فيجب أن يكون النهي لذلك، لا للتحريم.
  قيل له: إن النهي ظاهر للتحريم، وتنبيهه على أن فيه ضرراً يتعجل لا يسقط حكمه؛ لأنه لا يمتنع أن يحرمه ÷ ثم يبين أن فيه وجوهاً من المضار، ومثل
(١) الأحكام (١/ ٤٨)، المنتخب (٣٤).
(٢) بضم العين وسكون الكاف وكسر اللام، نسبة إلى عكل، وهو بطن من غنم.
(٣) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ٤٦).