شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في رجوع الواهب في هبته

صفحة 477 - الجزء 4

مسألة: [فيما يصح للواهب الرجوع فيه]

  قال: فإن وهب لغير ما ذكرنا كان له أن يرجع ما دام قائماً بعينه وحين يعلم⁣(⁣١) باستهلاكه، فإن لم يرجع حين يعلم باستهلاكه فليس له أن يرجع بعد ذلك⁣(⁣٢).

  والأصل في جواز الرجوع في الهبة تشبيه النبي ÷ الراجع في هبته بالكلب يقيء ثم يرجع فيه⁣(⁣٣)، وذلك أنه شبه الرجوع في الهبة بأمر مستقبح مستكره وليس بحرام على فاعله؛ لأن عود الكلب فيه مستقبح وليس بحرام على الكلب، فعلم أن الرجوع في الهبة مستقبح وليس بحرام على الراجع.

  فإن قيل: روي ذلك بغير ذكر الكلب: «الراجع في هبته كالعائد في قيئه»⁣(⁣٤).

  قيل له: أكثر الأخبار واردة بذكر الكلب، ولعل بعض الرواة حذف ذكر الكلب اختصاراً. على أن الزيادات في الأخبار مقبولة، ومن حكمها أن تضاف إلى غيرها مما ليس فيها تلك الزيادة حتى تكون كالخبر الواحد والمعنى معنى واحد في مثل هذه المواضع؛ ليصح التشبيه⁣(⁣٥)، ولا يشبه الحرام بالحلال، ولا الحلال بالحرام؛ لأن ذلك يتدافع⁣(⁣٦).

  وروى الجصاص حديثاً عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله ÷: «مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء فيأكل قيئه، فإذا استرد الواهب فَلْيُوقَّف وليعرف بما استرد، ثم ليدفع إليه ما وهب»⁣(⁣٧).


(١) في (د): لم يعلم.

(٢) الأحكام (٢/ ١٤٤) والمنتخب (٥٣٤، ٥٣٥).

(٣) أخرجه البخاري (٣/ ١٥٨) ومسلم (٣/ ١٢٤١).

(٤) أخرجه البخاري (٣/ ١٦٤) ومسلم (٣/ ١٢٤١).

(٥) في (د): الشبه.

(٦) في (ب، د): تدافع.

(٧) شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٣٠) وأخرجه أبو داود (٢/ ٤٩٨).