شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه

صفحة 12 - الجزء 5

باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه

  من أعتق جزءاً من عبده أو عضواً صار العبد كله حراً⁣(⁣١).

  قال أبو حنيفة: من أعتق جزءاً من عبده⁣(⁣٢) يعتق منه ذلك الجزء، ويسعى له في بقية قيمته. وقال أبو يوسف ومحمد مثل قولنا يعتق كله ولا سعاية عليه، وبه قال الشافعي على ما حكى ابن سريج.

  والأصل فيه: حديث قتادة عن أبي المليح عن أبيه أن رجلاً أعتق شقصاً له في مملوك فأعتقه النبي ÷ [كله عليه] وقال: «ليس لله شريك»⁣(⁣٣).

  ففيه وجهان من الدلالة على أن العتق لا يتبعض، وأن عتق البعض يوجب عتق سائره: فأحدهما: أن النبي ÷ أعتقه حين أعتق الرجل شقصاً له فيه، وأوجب عتق جميعه لعتق بعضه.

  والثاني: قوله: «ليس لله شريك» فدل ذلك أن بعض العبد إذا عتق لم يجز أن يبقى شرك فيه لأحد حتى يكون بعضه حراً وبعضه مملوكاً.

  فإن قيل: ليس هذا في ظاهر قوله: «ليس لله شريك».

  قيل له: لا يحتمل أن يكون المراد سواه؛ لأنه ÷ لم يقصد بيان التوحيد في هذا الموضع، وإنما قصد بيان حال العبد، وأنه لا يجوز أن يبقى فيه مع حرية بعضه شرك لأحد، وقد ذكر في بعض الأخبار: «فهو حر كله»⁣(⁣٤).

  وروي عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي ÷: «من أعتق نصيباً له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل⁣(⁣٥) فهو عتيق»⁣(⁣٦) فدل ذلك


(١) الأحكام (٢/ ٣٤٦).

(٢) في (ب، د): مملوكه.

(٣) أخرجه بهذا اللفظ الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٠٧) وبنحوه أبو داود (٣/ ٢٢).

(٤) أخرجه أحمد في المسند (٣٤/ ٣١٧) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٦٢).

(٥) في (أ، ج، هـ): العبد. وفي (ب): العتيق له.

(٦) أخرجه البخاري (٣/ ١٤٥).