باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه
باب القول فيمن أعتق الشقص من مملوكه
  من أعتق جزءاً من عبده أو عضواً صار العبد كله حراً(١).
  قال أبو حنيفة: من أعتق جزءاً من عبده(٢) يعتق منه ذلك الجزء، ويسعى له في بقية قيمته. وقال أبو يوسف ومحمد مثل قولنا يعتق كله ولا سعاية عليه، وبه قال الشافعي على ما حكى ابن سريج.
  والأصل فيه: حديث قتادة عن أبي المليح عن أبيه أن رجلاً أعتق شقصاً له في مملوك فأعتقه النبي ÷ [كله عليه] وقال: «ليس لله شريك»(٣).
  ففيه وجهان من الدلالة على أن العتق لا يتبعض، وأن عتق البعض يوجب عتق سائره: فأحدهما: أن النبي ÷ أعتقه حين أعتق الرجل شقصاً له فيه، وأوجب عتق جميعه لعتق بعضه.
  والثاني: قوله: «ليس لله شريك» فدل ذلك أن بعض العبد إذا عتق لم يجز أن يبقى شرك فيه لأحد حتى يكون بعضه حراً وبعضه مملوكاً.
  فإن قيل: ليس هذا في ظاهر قوله: «ليس لله شريك».
  قيل له: لا يحتمل أن يكون المراد سواه؛ لأنه ÷ لم يقصد بيان التوحيد في هذا الموضع، وإنما قصد بيان حال العبد، وأنه لا يجوز أن يبقى فيه مع حرية بعضه شرك لأحد، وقد ذكر في بعض الأخبار: «فهو حر كله»(٤).
  وروي عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي ÷: «من أعتق نصيباً له في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل(٥) فهو عتيق»(٦) فدل ذلك
(١) الأحكام (٢/ ٣٤٦).
(٢) في (ب، د): مملوكه.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٠٧) وبنحوه أبو داود (٣/ ٢٢).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٣٤/ ٣١٧) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٤٦٢).
(٥) في (أ، ج، هـ): العبد. وفي (ب): العتيق له.
(٦) أخرجه البخاري (٣/ ١٤٥).