شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدعوى والبينات

صفحة 172 - الجزء 6

مسألة: [في تعدد اليمين بتعدد الحقوق المدعاة]

  قال: وإذا ادعى رجل على آخر دعاوى متفرقة استحلف المدعى عليه لكل دعوى يميناً⁣(⁣١).

  وإنما كان ذلك كذلك لأنه في كل دعوى من تلك الدعاوى مدعٍ، وصاحبه مدعى عليه، فيلزمه لكل واحدة منهن يمين؛ لقوله ÷: «اليمين على المدعى عليه»، ولأنها لو انفردت لكان ذلك حكمها، فمضامة غيرها لها لا تغير حكمها.

مسألة: [في الشيء يكون في يد اثنين فيدعي أحدهما كله والآخر نصفه]

  قال: ولو أن رجلين ادعيا في شيء هو في أيديهما، أو ليس في أيديهما إذا لم يدع فيه غيرهما، فادعى أحدهما أن كله له، وادعى الآخر أن نصفه له، فأقام أحدهما البينة ولم يقم الآخر حكم له بها⁣(⁣٢).

  وذلك أن مدعي الكل إذا أقام البينة أنه له استحق ببينته ما في يد صاحبه، وهو النصف، وبقي النصف الآخر في يده لا منازع له⁣(⁣٣) فيه، فيسلم الكل له. وإن أقام مدعي النصف البينة فبينته لم تفد له إلا النصف، والنصف في يده، فيكون له، إلا أنه يكون مستحقاً للربع - وهو نصف ما في يد صاحبه - ببينته، والربع الثاني يستحقه بكونه في يده؛ لأن من مذهبه أن بينة من في يده الشيء غير مسموعة، وهذا إذا كان الشيء في أيديهما، فأما إن لم يكن في أيديهما فإن أقام مدعي الكل البينة استحق الكل، وإن أقام البينة مدعي النصف استحق النصف كملاً ببينته، لا إشكال فيه ولا خلاف.

  قال: فإن أقاما البينة على صحة دعواهما قسم الشيء بينهما على أربعة: ثلاثة


(١) المنتخب (٥٠٠، ٥٠١).

(٢) المنتخب (٥٠٢، ٥٠٣).

(٣) «له» ساقط من (أ، ب، ج، د).