شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في بيع الأجناس بعضها ببعض

صفحة 90 - الجزء 4

  والتحريم، فعلمنا أن ما عللناه⁣(⁣١) أولى من سائر علل المخالفين.

  فإن قيل: فالحكم يتعلق بالأكل أيضاً؛ لأن من اشترى حنطة فوجدها متغيرة بالعفونة أو نحوها حتى يؤثر ذلك في الأكل كان لصاحبها الخيار في الرد.

  قيل له: ذلك خيار الرد، وذلك حكم كل ما أدى إلى نقصان القيمة، مأكولاً كان أو غير مأكول، على أن لهذا التأثير مع أنه لا يختص بالأكل تأثيراً في خيار الرد لا في تحريم البيع وتحليله، فلم يجب أن يكون ذلك معارضاً لتأثير علتنا.

  وليس لهم أن يتعلقوا بقوله ø: {لَا تَأْكُلُواْ اُ۬لرِّبَوٰاْ}⁣[آل عمران: ١٣٠]، لأن الربا يجب أن يثبت أولاً ثم يعلق الحكم عليه.

  فإن قيل: فإنا نجد النبات حشيشاً لا ربا فيه، ثم نجده مأكولاً فيه الربا، فعلمنا أن العلة فيه الأكل، كما قلنا في العصير: إنا نجده لا شدة فيه وهو مباح، ثم تصير فيه الشدة فيصير حراماً بعد أن كان مباحاً، فعلمنا أن العلة فيه الشدة.

  قيل له: ومثل هذا يستقيم لنا، أنا⁣(⁣٢) نجده حشيشاً لا ربا فيه ثم يصير مكيلاً فيحصل فيه الربا، فعلمنا أن الكيل علة الربا. على أن الحشيش أيضاً مأكول، وهذا ينقض علتكم؛ لأن الحشيش مأكول لا ربا فيه، فبان أن العلة ليست هي الأكل.

مسألة: [في تحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلاً، وجواز التفاضل إذا اختلف الجنس]

  قال: ولا يجوز أن يباع كر حنطة بكري حنطة وإن اختلفت أنواعهما، ولا بأس بكري شعير، وكذلك القول في الأرز والشعير وسائر الحبوب، والتمر والعنب وغيرهما من الفواكه وغيرها⁣(⁣٣).

  وهذا مما قد مضى بيانه، وهو⁣(⁣٤) قول النبي ÷: «فإذا اختلف الجنس


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) في (د): أن.

(٣) الأحكام (٢/ ٣٦) والمنتخب (٣٣٨).

(٤) لعل هنا سقطاً قبل قوله: وهو.