باب القول في وجوب الأجرة
  يقبض في مواضع، ألا ترى أنه لا خلاف في أن المستأجَر إذا تلف رجع المستأجِر بالأجرة ولم تجعل المنافع في حكم المقبوض؟ فإذا ثبت ذلك فهي في الحقيقة غير مقبوضة، فلا يجب أن تجعل في حكم المقبوض إلا في المواضع التي أجمع عليها.
  فأما إن اشترط التعجيل والتأجيل فهو الواجب؛ لقوله ÷: «المسلمون عند شروطهم»، وقوله تعالى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِۖ ١}[المائدة].
  وما ذكرنا يدل على أن ذلك حكم أجرة الصناع.
  فإذا ثبت ما قلنا في الإجارة الصحيحة فهو أولى في الإجارة الفاسدة [لأنها إذا كانت فاسدة لم توجب شيئاً بمجردها كسائر العقود الفاسدة](١).
مسألة: [في اللازم من الأجرة في الإجارة الفاسدة]
  كل من استأجر شيئاً إجارة فاسدة ثم استوفى منافعه لزمه أجرة المثل دون المشروط، وكذا القول في الصانع إن تقبل عملاً من غير أن يعقد فعمله فله أجرة المثل.
  وتسليم العمل بمنزلة العقد الفاسد في الأجرة والضمان إذا سلمه الصانع.
  لا خلاف فيمن استأجر إجارة فاسدة ثم استوفى المنافع أنه يلزمه أجرة المثل، كما أن من اشترى شيئاً شراءً فاسداً ثم قبضه واستهلكه لزمه العوض.
  على أن ذلك على مذهبنا أوضح؛ لإيجابنا على الغاصب كراء المثل؛ لأن المستأجر إجارة فاسدة أحسن حالاً من الغاصب.
  ولا يجب المشروط؛ لأن وجوبه مستند إلى العقد، فإذا فسد العقد زال الوجوب.
  ووجه ما قلناه من أن تسليم العمل يجري مجرى العقد الفاسد: ما ظهر التعامل به بين الناس(٢) من غير تناكر من المسلمين في الصناع(٣)، وهذا كله كما
(١) ما بين المعقوفين من (د).
(٢) في (هـ): المسلمين.
(٣) في (ب، د): الضياع.