باب القول فيما يرد به النكاح
  للبضع، ألا ترى أنه لو خلا بها وفي البيت معهما غيرهما، أو كانت هي ممن لا تصلح للجماع للصغر، أو كانت محرمة أو صائمة أو حائضاً - لم تستحق كمال المهر؛ لأن التسليم لم يقع صحيحاً كما اقتضاه العقد، فكذلك ما ذهبنا إليه؛ لأن التسليم الصحيح لم يقع؛ ألا ترى أن من سلم إلى المشتري عبداً معيباً لم يمنع ذلك التسليم خيار الرد، وكان حاله بعد التسليم كحاله قبل التسليم ما لم يستهلك المشتري العبد، فكذلك الزوج إذا خلا بالمعيبة لا يبطل ذلك خياره ولا يوجب المهر ما لم يطأها؛ للعلة التي ذكرناها.
مسألة: [في ثبوت الخيار للحرة إذا دلس عليها العبد فتزوجته على أنه حر]
  قال: وإذا دلس العبد على الحرة فتزوجته على أنه حر كان لها الخيار إذا علمت: إن شاءت أقامت معه وإن شاءت فسخت نفسها منه، هذا إذا أجاز سيد العبد نكاحه(١)، وعلى سيد العبد المهر إن كان دخل بها، وإن لم يجزه كان النكاح باطلاً، فإن كان العبد دخل بها كان عليه مهر مثلها يطالب به إذا عتق.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢).
  قلنا: إن لها الخيار إذا دلس العبد عليها لأنه قد ثبت أن العبد ليس بكفء للحرة، وأن وليها لو زوجها من غير كفء كان لها الخيار، فوجب أن يكون لها الخيار إذا دلس العبد عليها نفسُه، والعلة أنه تزوجها من ليس بكفء بغير رضاها، وهي بالغة، فوجب أن يكون لها الخيار.
  على أن أبا حنيفة قد قال: إن المرأة إذا غرت بنسب رفيع شريف أشرف من نسبها ثم وجدته دون ذلك كان لها الخيار، فالعبد أولى به.
  يكشف ذلك أنها إذا لم ترض إلا بقدر من المهر فلها أن تمنع نفسها إذا مُنِعَت ما به رضيت، فكذلك النسب والحرية؛ لأن جميع ذلك حق لها؛ لأنها يلحقها
(١) في (أ، ج، د): نكاحها. وفي نسخة في (أ): نكاحه.
(٢) الأحكام (١/ ٣٦٧).