شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد الزنا

صفحة 187 - الجزء 5

مسألة: [في المرأة تدعي الإكراه على الزنا بعد قيام الشهادة عليها به]

  قال: وإذا قامت الشهادة بالزنا على امرأة فادعت الإكراه ولم تقم الشهادة بالمطاوعة درئ عنها الحد⁣(⁣١).

  وذلك أن الحد لا يجب مع كونها مكرهة على الزنا، لا خلاف فيه، قال الله ø: {وَمَنْ يُّكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اَ۬للَّهَ مِنۢ بَعْدِ إِكْرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞۖ ٣٣}⁣[النور: ٣٣] وقال ÷: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» فإذا لم تقم عليه البينة على المطاوعة فالقول قولها في أنها لم ترض⁣(⁣٢).

مسألة: [فيمن زنى بذات رحم محرم وفي زنا الذمي بالمسلمة]

  قال: ومن زنى بذات رحم محرم أقيم عليه حد مثله، ثم كان للإمام تأديبه بحسب رأيه، وهكذا القول في الذمي إذا زنى بمسلمة، سواء كانت مستكرهة أو مطاوعة⁣(⁣٣).

  والأصل في هذا ما روى محمد بن منصور بإسناده عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، عن علي # أنه أتي برجل سكران من الخمر في شهر رمضان فتركه حتى صحا، ثم ضربه ثمانين جلدة، ثم أمر به إلى السجن، ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين، فقال: (ثمانون للخمر، وعشرون لجرأتك على الله في رمضان)⁣(⁣٤).

  فمن زنى بذات رحم محرم لزمه حد الزنا، ثم لزمه من التعزير ما يراه الإمام؛ لهتكه حرمة الرحم التي عظمها الله بقوله: {وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ اَ۬لذِے تَسَّآءَلُونَ بِهِۦ وَالْأَرْحَامَۖ}⁣[النساء: ١] كما فعل أمير المؤمنين بمن هتك حرمة شهر رمضان في


(١) الأحكام (٢/ ١٧١) والمنتخب (٦٢٨).

(٢) في (ب، د، هـ): تزن.

(٣) الأحكام (٢/ ١٦٩، ١٨١).

(٤) أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢٠٥).