شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في حد السارق

صفحة 267 - الجزء 5

مسألة: [في النباش]

  قال: والنباش إذا نبش القبر وأخرج من أكفان الميت ما تبلغ⁣(⁣١) قيمته عشرة دراهم لزمه القطع⁣(⁣٢).

  وبه قال أبو يوسف والشافعي. وقال أبو حنيفة ومحمد: لا قطع عليه.

  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة: ٣٨] وهذا سارق، فلزمه القطع بظاهر الآية.

  وروى محمد بن منصور يرفعه إلى جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، عن علي # قال: (حد النباش حد السارق، وهو أعظمهما جرماً)⁣(⁣٣).

  وأيضاً القبر حرز الميت وما عليه من الأكفان؛ لأن الإحراز هو الحفظ، وقد أمرنا بحفظ جثة الميت وحفظ ما عليها في القبر على الإمكان، فثبت أنه حرز له ولما عليه لا حرز له سواه، فوجب القطع على من سرق منه كما يجب على من سرق من سائر الأحراز.

  فإن قيل: ليس ذلك بحرز للميت، وليس يوضع الميت مع كفنه في القبر ليحرز فيه، وإنما يوضع فيه ليتوارى عن الناس.

  قيل له: ليس كذلك؛ لأنا قد أمرنا أن نحفظ جثته في القبر وكفنه، والدليل على ذلك أنه لو كان الغرض في⁣(⁣٤) المواراة فقط لجاز أن يرمى به في البحر، أو يترك في بيت فيسد عليه، أو يجعل في الناووس⁣(⁣٥) كما يفعله المجوس، فلما لم يجز


(١) «تبلغ» ساقط من (أ، ج).

(٢) الأحكام (٢/ ١٩٢).

(٣) أمالي أحمد بن عيسى (٤/ ٢١٦).

(٤) لعلها: هو.

(٥) الناووس: مقبرة المجوس، يجعلون على موتاهم حائطاً ولا يدفنونهم. (شمس العلوم ١٠/ ٦٧٩٦) وفي تكملة المعاجم العربية (١٠/ ٣٣٥) نقلاً عن محيط المحيط: يطلق الناووس على تابوت من حجر ونحوه وتجعل فيه جثة الميت.