شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المضاربة

صفحة 356 - الجزء 4

مسألة: [في بيع العامل مال المضاربة نسيئة]

  قال: وإن كان صاحب المال نهاه عن بيع السلعة نسيئة لم يجز له بيعها نسيئة، فإن فعل ضمن⁣(⁣١).

  وذلك أن حكمه في ذلك - على ما بيناه - حكم الوكيل، ولا خلاف أن الموكل إذا قال للوكيل بالبيع: لا تبع نسيئة لم يجز بيعه نسيئة، وأنه إن فعل ضمن، فكذلك المضارب إذا خالف في ذلك.

  قال: فإن كان صاحب المال لم يشترط ذلك جاز له فعله⁣(⁣٢).

  لأن النسأ قد يدخل في التجارات، وقد جرت به العادة، وكذلك الوكيل بالبيع لو باعه نسيئة جاز بيعه إذا لم ينهه صاحب المال الموكل له عن ذلك، فكذلك المضارب.

مسألة: [فيما لا يجوز للمضارب فعله في مال المضاربة]

  قال: ولا يجوز له أن يخلط مال المضاربة بماله، ولا أن يدفعه إلى غيره مضاربة إلا أن يكون صاحب المال قال له: افعل فيه برأيك، فإن كان قال له هذا القول جاز له خلطه بمال نفسه ودفعه إلى غيره مضاربة، ولم يجز له أن يقرض من هذا المال أحداً ولا أن يأخذ به سفتجة إلا بإذن صاحبه في هذين المعنيين بعينهما⁣(⁣٣).

  ووجهه: أن الخلط ضرب من الاستهلاك؛ ولأن الوكيل ليس له أن يخلط مال الموكل بمال نفسه، فكذلك المضارب.

  وكذلك لا يجوز له دفعه إلى غيره مضاربة؛ لأنه إثبات شركة الغير في ماله، وليس له ذلك إلا بإذن صاحبه، لأنه ليس مما يشتمل عليه عقد المضاربة الأولى. فإن قال له: اعمل فيه برأيك جاز له الأمران؛ لأنه قد رآه، ولا يزيل الغرض


(١) انظر الأحكام (٢/ ٩٥).

(٢) انظر الأحكام (٢/ ٩٥).

(٣) الأحكام (٢/ ٩٥، ٩٦) والمنتخب (٣٩٣، ٣٩٤).