باب القول في القسمة
  فإن قيل: فهو في حكم المباح؛ لقوله ÷: «الناس شركاء في ثلاثة: في الماء، والنار، والكلأ»، وما كان كذلك لم يجز بيعه.
  قيل له: إن النبي ÷ أثبت فيه الحق للناس في مقدار ما يحتاج إليه للمنفعة والوضوء(١) وما جرى مجراهما دون ما سوى ذلك، ألا ترى أن المسلمين قد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحد أن يسقي زرعه بماء صاحبه إلا بإذنه؟ فبان أنه مما يصح تملكه وأنه قد لا يجري مجرى المباح، وإذا صح ذلك صح بيعه قياساً على ماء الآبار، والمعنى أنه ماء مملوك.
مسألة: [في شريكين اقتسما أرضاً فوقعت بئر لأحدهما في نصيب الآخر]
  قال: وإذا اقتسم الشريكان أرضاً بينهما فوقعت بئر لأحدهما في نصيب صاحبه لم يكن لصاحبه منعه من الدخول إليها، فإن كان يضر به استأنفا قسمة جديدة بينهما. وللبئر حريمها(٢).
  ووجهه: أن الذي يستحقه كل واحد من الشريكين بحق ملكه هو(٣) تعديل الأنصباء على وجه ينتفعان به، يبين ذلك أنه لا يقسم ما قسمته ضرر، فإذا وقعت القسمة على وجه يلحق الضرر أحدهما(٤) دون الآخر لم يكن فيها تعديل؛ لأن التعديل هو المساواة فيما استحقاه بالملك، ولا تجوز القسمة على هذا؛ فإما أن تبطل وتقسم قسمة جديدة، أو يجعل لصاحب البئر طريقاً إليها شريكه(٥) ليزول الضرر، ولا بد للبئر من الحريم؛ لأن منافعها تتم بالحريم لما بيناه.
(١) في شرح القاضي زيد: ما يحتاج إليه في الشرب والوضوء.
(٢) في (أ، ب، ج): حرمتها.
(*) الأحكام (٢/ ١٤٠) والمنتخب (٥٦٠).
(٣) في (أ، ب، ج، هـ): وهو.
(٤) في (هـ): يلحق أحدهما الضرر.
(٥) في (أ، ج، هـ): لشريكه.