باب القول في المهور
  وقياسهم الموت على الدخول في إيجاب المهر لا يصح، وإنما يصح ذلك في تقرير المسمى، وذلك أن الدخول أوجب المهر لأنه استيفاء منافع البضع؛ بدلالة أنه لو وطئها بعقد فاسد لاستحقت المهر عليه، والموت لا يستوفى به منفعة، فلم يجب أن يكون سبيله سبيل الدخول في هذا الباب. وإنما وجب أن يتقرر المسمى به كالدخول لأن أحد موجبي العقد يحصل به على ما بيناه في المسألة التي قبل هذه. على أن الموت يوجب الفراق، والفراق لا يوجب المهر، فبطل(١) ما اعتمدوه. وليس لهم أن يقولوا: إنها لما جعلت المطالبة لها بمهر المثل دل ذلك على ثبوته؛ لأنا لا نسلم ذلك، ونقول: إن لها المطالبة بأن يفرض لها، ثم تطالب بعد ذلك بالمهر.
  ووجه رواية المنتخب ما أوردناه سائلين في مسألتنا هذه، والعمدة فيه أن يحيى # حين قال ذلك لم يكن ثبت عنده جرح أمير المؤمنين # لمعقل، وأما مع ثبوت ذلك فلا قول إلا ما في الأحكام على ما بيناه.
  فأما إذا مات بعد الدخول فلا إشكال في وجوب المهر؛ إذ المرأة قد استحقته بالدخول على ما بيناه في المسائل التي تقدمت، ولا وجه لإعادته.
مسألة: [فيما يجب من المهر إذا دخل الزوج بالزوجة ولم يسم لها مهراً]
  قال: وإذا ثبتت الزوجية والبناء بين الزوجين قضي للمرأة بمهر مثلها.
  وهذا مما قد مضى شرحه وبيانه فيما تقدم في مواضع، والمراد به إذا لم يكن بينهما مهر مسمى.
  وإن تداعيا مسمى واختلفا فيه فالقول قول المرأة مع يمينها إلى مهر مثلها، وفيما زاد على ذلك يكون القول قول الزوج مع يمينه.
  وهذا مما نوضحه في كتاب الدعاوى والبينات إن شاء الله تعالى.
(١) في (أ): فيبطل.