شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نفقة الموسر على قريبه المعسر

صفحة 459 - الجزء 3

باب القول في نفقة الموسر على قريبه المعسر

  يجب على الموسر رجلاً كان أو امرأة صغيراً كان أو كبيراً نفقة أبويه إذا كانا معسرين، مسلمين كانا أو كافرين، فأما سائر الأقرباء فلا نفقة لهم إلا إذا كانوا مسلمين.

  وهذا جميعه منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ووجه قولنا: إنه لا فصل بين أن يكون الذي لزمته نفقة أبويه أو غيرهما من أقاربه رجلاً أو امرأة صغيراً أو كبيراً هو أن الحقوق المتعلقة بالأموال استوى فيها الرجال والنساء والصغار والكبار إذا اشتركوا في السبب الموجب لها، كذلك الجنايات التي تتعلق بالأموال⁣(⁣٢) لا فصل بينهم فيما يلزم من طريق المال، وكذلك⁣(⁣٣) لا فصل بينهم في باب العشور، وعندنا في سائر الزكوات، فإذا ثبت ذلك وكان الموجب للنفقة⁣(⁣٤) هو الرحم والنسب فيجب أن يستوي الرجال والنساء والصغار والكبار فيها؛ لاشتراكهم في سببها، وهو النسب والرحم.

  وقلنا: إن نفقة الأبوين واجبة مسلمين كانا أو كافرين لقول الله تعالى: {وَإِن جَٰهَدَٰكَ عَلَيٰ أَن تُشْرِكَ بِے مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٞ فَلَا تُطِعْهُمَاۖ وَصَاحِبْهُمَا فِے اِ۬لدُّنْيَا مَعْرُوفاٗۖ}⁣[لقمان: ١٥] والمصاحبة في الدنيا على سبيل المعروف تقتضي ألا يشبع ويجوعان، وألا يكتسي ويعريان مع قدرته على أن يشبعهما ويكسوهما.

  ويدل على ذلك: قول النبي ÷: «أنت ومالك لأبيك»⁣(⁣٥) فاقتضى ظاهره أن يكون للأب - معسراً كان أو موسراً، كافراً أو مسلماً - أن يتصرف في


(١) الأحكام (١/ ٤٣٧).

(٢) في (أ): تتعلق بها الأموال. وفي (ج): تتعلق الأموال.

(٣) في (أ، ج): فكذلك.

(٤) في (أ): للنفقات.

(٥) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٩٦) وابن ماجه (٢/ ٧٦٩).