شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 242 - الجزء 2

مسألة: [في إسقاط صيام يوم الشك للقضاء إذا انكشف أنه من رمضان]

  قال: وإذا صام يوم الشك على ذلك واتفق كونه من رمضان لم يلزمه القضاء.

  قد نص عليه في الأحكام بقوله: «فإذا فعل ذلك فقد أدى صومه».

  وهو مذهب المزني، وقال الشافعي: عليه القضاء.

  وحجتنا قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ اُ۬لشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُۖ}⁣[البقرة: ١٨٤]، وهذا قد شهد وصام، فصار ممتثلاً للظاهر.

  ويدل على ذلك قوله ÷: «وإنما لامرئ ما نوى»، وهو قد نوى الفرض، فوجب أن يصح له فرضه. وهو قياس على من صام عن رؤية؛ بعلة أنه صام ونوى فرضه، فيجب أن يجزئه. وقياس على الأسير في دار الحرب إذا تحرى وصام فوافق ذلك رمضان أنه يجزيه؛ لأنه صام رمضان بنية الفرض. وقياس على من زكى عن المال فقال: إن كان سالماً كان عن فرضه، وإلا فهو تطوع، فكان سالماً أجزأه، فكذلك ما اختلفنا فيه، والمعنى أنه أدى الفرض بنية الفرض، ومضى وقته.

  فإن قيل: إنه دخل فيه عن غير أصل، فوجب ألا يجزئه، كمن دخل في الصلاة شاكاً في وقتها فوافق الوقت، أو توجه شاكاً في القبلة من غير تحر فوافق القبلة.

  قيل له: إنه دخل فيه عن أصل، وهو أن اجتهاده أداه إلى ذلك، على أنه لم يمكنه في الاحتياط أكثر مما فعل، والداخل في الصلاة والمتوجه على الوجه الذي ذكرتموه فرط ولم يحتط، فلا يمتنع ألا يقع فعله موقع الصحيح.

  يؤكد ذلك من كان عليه صوم وشك أنه من قتل أو ظهار أجزأه أن يصوم ناوياً للفرض؛ إذ لا يمكنه غير ذلك، كذلك من صام يوم الشك على الوجه الذي ذهبنا إليه.