شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صيام النذور والظهار وقتل الخطأ

صفحة 306 - الجزء 2

  قلنا: إذا أوجب على نفسه صيام سنة صامها وأفطر العيدين وأيام التشريق ثم قضاها وقضى شهر رمضان لأنه إذا أوجب على نفسه صيام سنة فقد أوجب صيام اثني عشر شهراً؛ لأن السنة إذا أطلقت كانت عبارة عن اثني عشر شهراً، وليس يجوز أن يصوم العيدين وأيام التشريق؛ لأن النبي ÷ نهى عن صيامها، وصيام شهر رمضان لا يقع عن النذر، فحصل⁣(⁣١) صومه أحد عشر شهراً إلا خمسة أيام، فعليه أن يقضي شهراً وخمسة أيام؛ ليكون قد تم له صيام اثني عشر شهراً عن النذر الذي أوجبه على نفسه.

  وقلنا: إنه إذا استثنى بعض ذلك أو جميعه بنيته لم يلزمه قضاء ما استثنى؛ لأنا قد بينا قبل هذه المسألة أن للنية مدخلاً في إيقاع اللفظ على وجه دون وجه، وفي أن يجعل العام خاصاً، والحقيقة مجازاً، فإذا أوجب على نفسه صيام سنة ونوى سنة قد استثنى منها ما ذكرنا كان ذلك في حكم المنطوق به، كما نقول ذلك في العام إذا أريد به الخاص، ولفظ الحقيقة إذا أريد به المجاز، فكان الإيجاب يتناول أحد عشر شهراً إلا خمسة أيام.

  فإن قيل: إن ذلك جائز في لفظ العموم ولفظ الحقيقة؛ لأن لفظ العموم يستعمل في الخصوص، ولفظ الحقيقة يستعمل في المجاز، ولا يستعمل لفظ السنة في أحد عشر شهراً إلا خمسة أيام.

  قيل له: ليس يمتنع ذلك إذا أريد به المجاز، وإن لم يكن استعماله على هذا الحد في الشهرة كاستعمال لفظ العموم في الخصوص وكثير من ألفاظ الحقيقة في المجاز، ونظير ذلك أن الله تعالى قال: {۞اِ۬لْحَجُّ أَشْهُرٞ مَّعْلُومَٰتٞۖ}⁣[البقرة: ١٩٦]، فسمى شهرين وعشرة أيام أشهراً وإن كان أقل ما يجوز أن يطلق عليه اسم الأشهر على الحقيقة ثلاثة أشهر، فأجرى اسم الأشهر على ما ذكرناه على سبيل


(١) في المخطوطات: فجعل. والمثبت مظنن به في (د).