شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الاعتكاف و [القول في] ليلة القدر

صفحة 327 - الجزء 2

  ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَٰكِفُونَ فِے اِ۬لْمَسَٰجِدِۖ}⁣[البقرة: ١٨٦]، فمنع من المباشرة العاكفين في المساجد أجمع من غير تخصيص، فدل ذلك على أن الاعتكاف يصح في جميع المساجد، ولما كان الاعتكاف حكماً شرعياً، وكان ورد فيمن يكون عاكفاً في المساجد - قلنا: إنه معتكِف، ومنعنا أن يكون المعتكف في غير المساجد معتكفاً؛ إذ لا دليل عليه. على أنا قد بينا أن الاعتكاف لفظ مجمل يفتقر إلى البيان، وأن ما هذا سبيله يجب أن يكون فعل النبي ÷ بياناً له، وقد ثبت أنه اعتكف في المسجد، فوجب أن يكون ذلك شرطاً في صحة الاعتكاف، كما قلناه في الصوم.

  ولا خلاف أن الاعتكاف في مسجد رسول الله ÷ جائز، فوجب أن يجوز في سائر المساجد، قياساً عليه، والمعنى أنه مسجد على الإطلاق.

  ولا خلاف أنه لا يجوز في مكان لا يكون له بالصلاة ضرب من الاختصاص، فوجب ألا يجوز في غير المساجد؛ بعلة أنه ليس بمسجد على الإطلاق، أو بعلة أنه لا يمنع الحائض والجنب. وتقاس سائر المساجد على مسجد النبي ÷ بعلة أنه يمنع الحائض والجنب.

مسألة: [في جواز خروج المعتكف لواجب أو مندوب أو حاجة]

  قال: ولا بأس أن يخرج المعتكف من مسجد اعتكافه لحاجة، أو لشهادة جنازة، أو عيادة مريض.

  قال: وإن احتاج إلى أن يأمر أهله وينهاهم⁣(⁣١) وقف عليهم وأمرهم ونهاهم وهو قائم لا يجلس حتى يعود إلى المسجد.

  وجميع ذلك منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  والأصل فيه: ما أخبرنا به أبو بكر محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن


(١) في (أ، د): أو ينهاهم.

(٢) الأحكام (١/ ٢٣٢، ٢٤٥).