شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 375 - الجزء 2

  قلنا: إن كان إحرامها بحجة الإسلام لم يكن له منعها منها لأن ذلك فرض من الله تعالى عليها ابتداءً، فكان⁣(⁣١) مثل صوم شهر رمضان والصلاة المكتوبة؛ لأن ذلك مستثنى من حقه عليها، والمسألة وفاق، وسائر ما ذكرناه في جواز فسخ إحرامها - إذا لم تكن أحرمت بحجة الإسلام - لزوجها لا يعترض ما قلناه؛ لأنه ليس بتطوع، ولأنه لا يؤدي إلى استدامة إبطال حق الزوج؛ لأن حجة الإسلام لا تتكرر.

  وقلنا: إنه يمنعها إن لم يكن لها محرم لأن المحرم شرط في وجوب الحج عليها.

  والأصل فيه: قول النبي ÷: «لا تسافر المرأة بريداً فما فوقه إلا مع ذي محرم»، وقد مضى إسناده في باب قصر الصلاة، وروي: «لا تسافر المرأة⁣(⁣٢) يوماً»⁣(⁣٣)، وروي: «ثلاثة أيام»⁣(⁣٤)، فدل ذلك على أن المرأة لا يلزمها الحج إلا مع محرم.

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يونس بن عبدالأعلى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو: أنه سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول: قال ابن عباس: خطب رسول الله ÷ بالناس فقال: «لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم» فقام رجل فقال: يا رسول الله، إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وقد أردت أن أحج بامرأتي، فقال النبي ÷: «احجج مع امرأتك»⁣(⁣٥)، فدل هذا الخبر من وجهين على أن المرأة لا تحج إلا مع محرم:

  أحدهما: قوله ÷: «لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم»، فنهى عن السفر من غير محرم، والحج سفر، فصارت منهية عنه إلا مع محرم.


(١) في نسخة في (د): وكان.

(٢) «المرأة» ساقط من (ب، ج، د).

(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٩٧٧) وابن ماجه (٢/ ٩٦٨).

(٤) أخرجه البخاري (٢/ ٤٣) ومسلم (٢/ ٩٧٥).

(٥) شرح معاني الآثار (٢/ ١١٢).