باب القول في الدخول في الحج والعمرة
  قلنا: إن كان إحرامها بحجة الإسلام لم يكن له منعها منها لأن ذلك فرض من الله تعالى عليها ابتداءً، فكان(١) مثل صوم شهر رمضان والصلاة المكتوبة؛ لأن ذلك مستثنى من حقه عليها، والمسألة وفاق، وسائر ما ذكرناه في جواز فسخ إحرامها - إذا لم تكن أحرمت بحجة الإسلام - لزوجها لا يعترض ما قلناه؛ لأنه ليس بتطوع، ولأنه لا يؤدي إلى استدامة إبطال حق الزوج؛ لأن حجة الإسلام لا تتكرر.
  وقلنا: إنه يمنعها إن لم يكن لها محرم لأن المحرم شرط في وجوب الحج عليها.
  والأصل فيه: قول النبي ÷: «لا تسافر المرأة بريداً فما فوقه إلا مع ذي محرم»، وقد مضى إسناده في باب قصر الصلاة، وروي: «لا تسافر المرأة(٢) يوماً»(٣)، وروي: «ثلاثة أيام»(٤)، فدل ذلك على أن المرأة لا يلزمها الحج إلا مع محرم.
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يونس بن عبدالأعلى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو: أنه سمع أبا معبد مولى ابن عباس يقول: قال ابن عباس: خطب رسول الله ÷ بالناس فقال: «لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم» فقام رجل فقال: يا رسول الله، إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وقد أردت أن أحج بامرأتي، فقال النبي ÷: «احجج مع امرأتك»(٥)، فدل هذا الخبر من وجهين على أن المرأة لا تحج إلا مع محرم:
  أحدهما: قوله ÷: «لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم»، فنهى عن السفر من غير محرم، والحج سفر، فصارت منهية عنه إلا مع محرم.
(١) في نسخة في (د): وكان.
(٢) «المرأة» ساقط من (ب، ج، د).
(٣) أخرجه مسلم (٢/ ٩٧٧) وابن ماجه (٢/ ٩٦٨).
(٤) أخرجه البخاري (٢/ ٤٣) ومسلم (٢/ ٩٧٥).
(٥) شرح معاني الآثار (٢/ ١١٢).