باب القول في الدخول في الحج والعمرة
  لفسخ إحرام زوجته دلالة على أنه لم ينعقد. ويقاس على الحر؛ بعلة أنه مسلم مكلف عقد الإحرام على نفسه، فوجب أن ينعقد، فإذا ثبت أنه كان منعقداً ثبت ما قلناه من أن حكمهما حكم سائر المسلمين في ذلك.
مسألة: [فيمن نوى الحج فلبى بعمرة أو العكس]
  قال: ولو أن رجلاً أراد الحج فغلط ولبى بعمرة لم يلزمه ما لفظ به، ووجب عليه أن يعود ويلبي بما نوى من حجته. وكذلك لو أراد التمتع بالعمرة إلى الحج فغلط ولبى بالحج لم يلزمه ما لفظه به مخطئاً، ولزمه ما عقد [نيته](١) عليه من العمرة. وكذلك لو أهل بحجتين ناسياً وكانت نيته بحجة(٢) واحدة لم يلزمه غير ما نوى من الحجة الواحدة.
  وجميعه منصوص عليه في الأحكام(٣).
  والأصل فيه: أن الإحرام منعقد بالنية وإن تجردت عن التلبية، كما لا ينعقد حاكياً أو قارئاَ كتاب المناسك، وإذا ثبت ذلك وجب فيمن عقد الإحرام بالحج ناوياً له ولبى بعمرة غلطاً منه أن يلزمه الحج؛ لأن النية توجبه على ما بيناه، وسبيله سبيل من عقد الإحرام بالحج بالنية من غير تلبية تقارنه في أن الحج يلزمه، ويكون سبيل تلبيته سبيل التلبية المجردة عن النية في أنها لا توجب إحراماً، فيلزمه - على هذا - ما نواه من حج أو عمرة، ولا يعتبر باللفظ غلطاً مما خالف عقده. وعلى هذه الطريقة يجري الكلام فيمن أحرم بحجتين ناسياً وهو ناوٍ لحجة واحدة، وقد كان شيخنا أبو الحسين بن إسماعيل ¥ يذكر فيه وجهاً آخر، وهو أنه كان يقول: إن العمرة عبارة عن القصد كالحج، ويستدل بقول كثير عزة:
(١) ما بين المعقوفين من (ب) والأحكام.
(٢) في (د): حجة.
(٣) الأحكام (١/ ٢٨٢، ٢٨٣).