شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدخول في الحج والعمرة

صفحة 380 - الجزء 2

  يصح الجمع بينهما في إحرام واحد. ويقال: إن كل واحدة منهما عبادة يجب المضي في فاسدها، فوجب أن يصح الجمع بينهما في إحرام واحد. على أنه إذا صح الجمع بين الحج والعمرة للشبه الذي بين أفعالهما كان الأولى أن يصح الجمع بين الحجتين؛ لأن الشبه بينهما أقوى⁣(⁣١)، وكذلك الجمع بين العمرتين. يبين ذلك أن الجمع بين إحرامي الصلاتين لما لم يصح لم يختلف بين أن تكون الصلاتان من جنس واحد أو من جنسين، فكذلك الجمع بين الإحرامين لما صح وجب ألا يكون فرقاً بين أن يكون بجنس واحد أو بجنسين.

  فإن قيل: يصح الجمع بين العمرة والحج لأنه يصح المضي فيهما، ولا يصح الجمع بين الحجتين ولا بين العمرتين لأنه لا يصح المضي فيهما.

  قيل له: تعذر المضي لا يمنع صحة العقد، ألا ترى أن الإنسان قد يحرم بالحج وإن علم أنه يتعذر المضي فيه لعدو⁣(⁣٢) يصده أو مرض يصدفه⁣(⁣٣)، ومع ذلك يصح العقد وكذلك لو أحرم بالحج في زمان يعلم أنه لا يلحق الحج فيه ينعقد إحرامه، ولم يمنع من صحته تعذر المضي فيه، فإذا ثبت ذلك لم يقدح فيما ذكرنا من انعقاد إحرامه بحجتين أو عمرتين تعذر المضي فيهما، يبين ذلك أن الإنسان قد يتمتع بالعمرة إلى الحج ثم يتعذر عليه المضي لضيق الوقت، ولا يمنع ذلك صحة الإحرام.

  فإن قيل: فإنه مندوب إلى الجمع بين الحج والعمرة، وليس بمندوب إلى الجمع بين الحجتين أو العمرتين.

  قيل له: كونه غير مندوب إلى الجمع بين الحجتين أو العمرتين لا يمنع صحة⁣(⁣٤) الإحرام بهما عندنا؛ لأنا نذهب إلى أن من أحرم بالحج قبل أشهر الحج


(١) في (ج): أقرب.

(٢) في (أ، ج): لعذر.

(٣) في (ج، د): يصرفه.

(٤) في (أ، ج): لا يمنع ذلك صحة.