كتاب الحج
  القياس الذي وقع التخصيص منه. على أنه إن قيس عليه كان قياسنا أولى؛ للحظر، والاستناد إلى الظواهر التي ذكرناها؛ ولأنه أذهب في الباب الذي وضع الإحرام عليه من توقي القتل.
  وحكي عن قوم أن السبع فيه الجزاء وإن عدا، وهذا لا معنى له؛ لأن الله تعالى قرن إيجاب الجزاء بالمنع من القتل، فقال سبحانه: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ اُ۬لصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٞۖ ...} الآية [المائدة: ٩٧]، فإذا ثبت ذلك وثبت أن السبع إذا عدا على المحرم كان له قتله لم(١) يلزمه الجزاء. وهو قياس على الجزور والبقر الأهلي [في] أنه(٢) غير منهي عن قتله للإحرام، وهذا القياس أولى من قياس من قاسه على الحلق للأذى في إيجابه الفدية؛ لأن القتل بالقتل أشبه. ولا خلاف في أن رجلاً لو أراد قتله فقتله دافعاً له عن نفسه لم يضمن له شيئاً، وكذلك نقول فيمن صال عليه جمل فقتله [دافعاً له عن نفسه](٣): إنه لا يضمنه، فصارت هذه الأصول شاهدة لنا.
  وأما سائر هوام الأرض فقلنا: إنه يقتلها إذا خشي ضررها؛ لأنه لا خلاف فيه، وأما إذا لم يخش ضررها وقتلها فيجب أن يتصدق عنها بطعام على ما نص عليه القاسم # في مسائل النيروسي في النملة والبعوضة، ووجه ذلك أنه مما يتوحش(٤) ولا يستأنس.
  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن ابن عمر أنه كان يقول: في الجرادة قبضة من طعام(٥).
  وروى عن محمد بن علي @ وعطاء، ومجاهد، وطاووس: أنهم قالوا في
(١) في (ب، ج) ونسخة في (أ): ولم.
(٢) في (د): لأنه.
(٣) ما بين المعقوفين من (د).
(٤) في (أ، ج): توحش.
(٥) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٤٢٥).