شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على المحرم توقيه

صفحة 474 - الجزء 2

  للذابح ولا غيره، وأن ذبحه ليس بذكاة.

  ونص فيهما أيضاً على أن الحلال إذا ذبح صيداً في الحرم لم يحل له أكله، ولم يكن ذبحه ذكاة.

  وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي في المحرم، فأما الحلال إذا ذبحه في الحرم فهو عنده جائز.

  والدليل على أن ذبح المحرم لا يكون ذكاةً قول الله تعالى: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ اُ۬لصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٞۖ}⁣[المائدة: ٩٧]، والنهي يدل على فساد المنهي عنه وعلى أنه لا يقع موقع الصحيح، فاقتضى ظاهر الآية أن قتل المحرم للصيد لا يقع موقع الصحيح، فوجب أن يكون غير مذكىً.

  ويستدل من الآية من وجه آخر، وهو أن القتل في الشرع والعرف عبارة عما لا يكون ذكاة، وقد ثبت أن المراد بالآية الذبح وغيره من أنواع القتل، فوجب ألا يكون شيء منه ذكاة. ولا خلاف أن المحرم ممنوع من ذبح الصيد، فوجب أن لا يكون ذبحه له ذكاة؛ قياساً على ذبح المجوسي، والمعنى أنه ممنوع من ذبحه منعاً يختصه على الإطلاق، لا لحق الآدمي، فوجب ألا يكون ذبحه ذكاة. ويمكن أن يقاس بهذه العلة على ذبح المسلم حماراً أو بغلاً، أو على الذبح بالسن والظفر، واعتمد يحيى # هذه العلة، وقاس ذبح المحرم بها على من قتل البهيمة بغير الذبح.

  فإن استدلوا بظواهر قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}⁣[المائدة: ٤]، وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اَ۪سْمُ اُ۬للَّهِ عَلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١١٩]، وقوله ÷: «كل ما أنهر⁣(⁣١) الدم» - كانت مخصوصة بقوله تعالى: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقْتُلُواْ اُ۬لصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٞۖ}⁣[المائدة: ٩٧] ومبنية عليه؛ لأنه أخص، ويستفاد منه الحكم


(١) في (أ): كل إذا نهر.