شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحج

صفحة 499 - الجزء 2

  مخالف له فيه من الصحابة. ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أنه إذا جامع بعد الوقوف لزمته بدنة، فكذلك إذا جامع قبل الوقوف، والمعنى أنه جماع صادف إحراماً مطلقاً. وهو قياس سائر ما حظره الإحرام من الطيب وغيره من أن كفارته لا تتغير بوقوعه قبل الوقوف أو بعده.

  فإن قيل: لا يجتمع عليه تغليظ في الدم وتغليظ في الإفساد.

  قيل له: لم قلت ذلك؟ وما تنكر من ذلك إذا دلت الدلالة عليه؟ على أن الأصل في الجنايات أنها إذا عظمت كان تغليظ كفارتها أولى، فكان الواجب على هذا أن يكون الوطء الذي يبطل الحج بالتغليظ أولى؛ لأنه في باب الجناية⁣(⁣١) أعظم، على أنه لا فصل عندنا على ما بيناه بين الجماع قبل الوقوف وبعده في إفساد الحج، فلا سؤال علينا فيه.

  وأما ما قلناه من أنه يحج بامرأته التي أفسد عليها حجها فالمراد به إذا كانت مكرهة، فأما إذا طاوعت فهي التي أفسدت على نفسها الحج دون الزوج.

  وما ذهبنا إليه في المكرهة قول عطاء.

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عنه أنه قال في المكرهة يستكرهها زوجها حتى يواقعها فحجها من ماله⁣(⁣٢).

  وحكى نحو ذلك أبو بكر الجصاص في شرح المناسك لمحمد عن الأوزاعي.

  وروى نحوه هناد بإسناده عن الحسن، وهو إطلاق المزني عن الشافعي، وحكى أبو علي بن أبي هريرة أن أصحاب الشافعي اختلفوا في تفسير ذلك الإطلاق، فذهب بعضهم إلى أنه يغرم نفقتها، وذهب بعضهم إلى أنه يصير لها محرماً لتحج.

  ووجه ذلك: أن الزوج هو المتلف عليها حين أكرهها، فوجب أن يضمن، كما


(١) في (أ، ج): الجنايات.

(٢) المصنف (٣/ ١٨٦).