كتاب الحج
  والثالث: أن الظاهر لو اقتضاه لصار مخصوصاً بدلالة الإجماع.
  على أنا لو استدللنا بالآية لكان وجهاً؛ لأن الله تعالى أوجبه على المتمتع الذي لا يجد الهدي، وهو إذا أحرم بعمرته لزمه اسم المتمتع عرفاً وشرعاً.
  ومما يدل على ذلك: أنه حال ثبت فيها هدي المتمتع حكماً؛ بدلالة أنه لا يجوز بيعه، فوجب أن يجزئ فيها صوم الثلاثة الأيام قياساً على حال إحرامه بالحج. وأيضاً هو حق وجب بسبب المال، وقد وجد أحد سببيه، وهو الإحرام بالعمرة، فوجب أن يجوز فعله قياساً على جواز أداء الزكاة عند وجود النصاب الذي هو أحد سببيه.
  فإن قيل: لو جاز تقديمه جاز تقديم المبدل؛ لأن البدل لا يجوز فعله في حال لا يجوز فيها فعل المبدل.
  قيل له: أما تقديم الهدي فجائز، ألا ترى أنه يسوق الهدي إذا أحرم بالعمرة، وإنما لا يجوز نحره إلا في يوم النحر لدلالته، والنحر ليس هو الهدي، وإنما هو حكم من أحكامه. على أنه لا يمتنع أن يصح في حال لا يصح فيها فعل المبدل، ألا ترى أن العبد يصح منه الصيام في كفارة القتل وكفارة الظهار وإن لم يصح منه العتق، وكذلك من يحضر الجمعة لا يصح منه فعل الظهر وإن صح منه فعل الجمعة التي هي بدل منه.
  فإن قيل: هو قياس النحر في أنه لا يجزي قبل الإحرام بالحج، بمعنى أنه وجب بسبب التمتع - كان ذلك منتقضاً بالهدي؛ لأن الهدي يكون هدياً قبل ذلك وإن وجب بسبب التمتع.
  فإن قاسوه على صوم شهر رمضان بأنه لا يجزي قبل وقته كان الوصف غير مسلم لهم؛ لأن المتمتع إذا أحرم كان ذلك وقتاً عندنا للصيام، ويعضد قياسنا استناده إلى قول علي # ومعه قول ابن عمر، ولا مخالف في الصحابة، وأنه مبادرة إلى الحسنى ومسارعة إليها.