باب القول في الهدي
  يجز له أن يستهلكه منتفعاً به.
  والأحب إلينا أن يترك في ضرعها إن فضل عن ولدها ليبلغ معها المحل، فإن خشي أن يضر بها ذلك تصدق به على المساكين؛ ليكون قد دفع الضرر عنها، فإن(١) انتفع هو به تصدق بقيمته، كما قلنا ذلك فيمن أكل لحم صيد في الحرم.
  فإن قيل: فأنتم تجوزون الأكل من لحم هدي المتعة للمتمتع، وهكذا هدي القران فهلا أجزتم شرب لبنها؟
  قيل له: نحن إنما نجوز ذلك إذا بلغ محله ونحر؛ للدلالة التي مضت، فأما قبل ذلك فلا نجيز(٢)، ألا ترى إلى ما رواه ابن عباس؟ وهو: ما أخبرنا به أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا ابن اليمان، قال: حدثنا ابن شجاع، قال: حدثنا محمد بن بشير العبدي، قال: حدثنا سعيد بن [أبي] عروة، عن قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس: أن ذؤيباً الخزاعي حدثه أن النبي ÷ كان يبعث معه البدن فيقول: «إذا عطب منها شيء فخشيت عليها موتاً فانحرها، ثم اغمس نعلها(٣) في دمها واضرب صفحتها، ولا تطعم منها أنت ولا أحد من رفقتك».
  فكان ذلك حكماً في جميع الهدي وإن كان فيه التطوع الذي يجوز الأكل منه بعد أن يبلغ محله. فقد بان أن الانتفاع به قبل المحل ودونه لا يجوز للمهدي ومن كان قائماً مقامه، فكذلك قلنا في لبنها.
  وقلنا: إن حكم البقرة والشاة في ذلك حكم البدنة لأن الأدلة التي ذكرناها لا تختص(٤) البدن(٥) دون غيرها.
(١) في (ب، د): وإن.
(٢) في (د): نجيزه.
(٣) أي: التي قلدتها في عنقها، واضرب النعل على صفحة سنامها.
(٤) في (ب، د): لا تخص.
(٥) في (د): البدنة.