شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الهدي

صفحة 593 - الجزء 2

  ووجهه: أنه وإن جعله هدياً فهو بعد على ملكه؛ بدلالة أن النبي ÷ ساق الهدي عام الحديبية، ثم لما أحصر جعله هدي الإحصار، وقد سماه الله تعالى هدياً بقوله سبحانه: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَّبْلُغَ مَحِلَّهُۥۖ}⁣[الفتح: ٢٥]، ثم جعله ÷ بعد ذلك عن الإحصار. وقد أشرك علياً # في الهدي الذي ساق عام حجة الوداع، ولو كان قد خرج عن ملكه لم يجز أن يشرك فيه غيره. وأيضاً قد علمنا أن المهدي يلزمه نحر الهدي الذي يملكه، بدلالة أنه لو نحر هدي غيره لم يجزه، فلو كان قد خرج عن ملكه لم يجزه نحره. على أنه لو كان قد خرج عن ملكه لجاز له أيضاً أن يتصرف فيه بالولاية التي له، ألا ترى أنه يسوقها ويبلغها المحل، ويتولى مصالحها، وله الخيار في الموضع الذي ينحره فيه، وفي الوقت الذي ينحره فيه، وفي قسمة لحمه، فإذا كانت هذه الولاية باقية فيجب أن يجوز بيعه والاستبدال به إذا خشي تلفه.

  فإن قيل: هلا كان حكمه حكم أم الولد في أنه لا يجوز بيعها⁣(⁣١)؟

  قيل له: لأن أم الولد قد حصل لها جزء من العتق، وهذا لم يحصل له شيء يمنع البيع.

  وقلنا: يشتري بثمنه غيره لئلا يكون صرفه عن جهته.

  وقلنا: يزيد في ثمنه إذا أحوج إليه لأنه ببيعه واستبداله قد تضمن ذلك.

  وقلنا: إن فضل شيء عنه اشترى به هدياً آخر إن أمكن وإلا تصدق به فيكون⁣(⁣٢) جهة الفاضل جهة الأصل، ولئلا يكون قد رجع في شيء قد جعله لله تعالى.


(١) في (ب، د): بيعه. وفي (ب): بيعها. نسخة.

(٢) كذا في المخطوطات، ولعلها: لكون.