شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 36 - الجزء 3

  ولا حكم يتعلق بما ذكره ÷ من جهة الشرع إلا الأكفاء في النكاح.

  وما ذكرناه من القياس على من راعى فيه النسب ولم يراع الدين يمكن أن يستدل به على من يراعي الدين ولم يراع النسب. على أن النكاح تعتبر فيه الغضاضة، ألا ترى أن الحرة تتزوج على الأمة، والأمة لا تتزوج على الحرة، وقد علمنا أن أكثر الغضاضة في الأمور الدنياوية هي الغضاضة التي ترجع إلى الأنساب، فوجب أن تكون معتبرة في الأكفاء.

  ويبين أن غير النسب لا يراعى بعد الدين قوله ÷: «العرب بعضها أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، وحي بحي، ورجل برجل» ولم يعتبر المال والصناعة.

  ومما يدل على أن المال لا يعتبر في الأكفاء: ما أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر للحق #، عن محمد بن منصور، عن حسين، عن خالد، عن حصين، عن جعفر، عن أبيه قال: قال رسول الله ÷: «من ترك التزويج مخافة الفاقة فقد أساء بربه الظن؛ إن الله تعالى يقول: {إِنْ يَّكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اُ۬للَّهُ مِن فَضْلِهِۦۖ}⁣(⁣١) [النور: ٣٢]»⁣(⁣٢) فدل قول النبي ÷ على قبح⁣(⁣٣) ترك التزويج مخافة الفاقة؛ إذ جعل ذلك من إساءة الظن بالله؛ وإذا كان ذلك كذلك لم يصح أن يكون المال مما يراعى في الأكفاء؛ إذ لو كان المال مما يراعى في الأكفاء لم يكن المراعي لفقده مذموماً، وإذا لم يجب أن يراعى فيه المال لم يجب أن تراعى فيه الصناعة؛ إذ لم يجعل أحد الصناعة أوكد من المال.


(١) في (أ، ج) زيادة: {وَاللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞۖ ٣٢}.

(٢) وهو في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ٦).

(٣) في (د): فدل قوله على قبح.