باب القول في المهور
  أولاكم بها النبي ÷، ما أصدق رسول الله ÷ لامرأة من نسائه ولا [أصدقت](١) امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية(٢).
  وفي حديث زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $: (ما نكح رسول الله ÷ امرأة من نسائه إلا على اثنتي عشرة أوقية)(٣).
  فبان أن المغالاة لا جمال فيها، فوجب أن يكون التقصير لا غضاضة فيه، ألا ترى أن الأكفاء في الدين والنسب لما كان في فقدهما غضاضة كلما كان الزوج أرفع حالاً فيهما كان أتم في الجمال؟
  فإن قيل: فإن مهرها قد يعتبر به مهور نسائها من بعدها، فمتى حصل فيه التقصير لحقهن الضرر، فوجب ألا يجوز ذلك.
  قيل له: هذا قائم إذا رضي به الأولياء معها، ولا خلاف في جوازه. على أن المهر الذي يقصر عن مهر المثل لا يعتبر به، ألا ترى أن امرأة لو زاد في مهرها من تزوج بها رغبة فيها أضاعفاً مضاعفة لم يعتبر ذلك في مهور نسائها؟ وكذلك لو أن رجلاً باع سلعة بدون ثمن مثلها أو فوق ثمن مثلها لغرض من الأغراض لم يعتبر ذلك في قيمة تلك السلعة إذا استهلكت عليه؟ فوضح سقوط هذا السؤال.
  يؤكد ما ذهبنا إليه: ما اتفقنا عليه من أن تصرفها في مهرها بالإسقاط والاستيفاء والاستهلاك والإخراج له عن ملكها بعوض وغير عوض جائز، فوجب ألا يعتبر فيه رضا الأولياء، وألا يثبت لهم فيه حق.
(١) ما بين المعقوفين من سنن أبي داود، وفي (د): ولا استصدق لامرأة.
(٢) سنن أبي داود (٢/ ١٠٠).
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢١٠).