باب القول في المهور
  فإن قيل لنا: فقد قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَآءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُم}[النساء: ٢٤] وقال: {فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}[النساء: ٢٤] وذلك يقع على القليل والكثير.
  قيل له: لا خلاف بيننا وبينكم في أن العام يبنى على الخاص، فما ذكرتموه مبني على ما استدللنا به. على أن استدلالنا أولى؛ لأن الخبر ورد في ذكر المقدار وبيانه، وفيه وقع الخلاف، فكان الاستدلال به أولى. على أن اسم المال لا ينطلق من جهة العرف على التافه اليسير، فلو استدللنا بالآية كنا أسعد.
  فإن قيل: قال الله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[البقرة: ٢٣٧] فإذا فرض لها خمسة دراهم لم تستحق بالطلاق قبل الدخول إلا نصفها بظاهر الكتاب(١).
  قيل له: نصف هذا المسمى لا خلاف في استحقاقه، وإنما الخلاف فيما زاد على ذلك، فالزيادة لا ذكر لها في الكتاب، فهي موقوفة على الدلالة(٢). على أنه لا يبعد على أصولنا أن نقول: إن تسمية الخمسة كلا تسمية، فإذا طلقها قبل الدخول كان لها المتعة، ونقول: إنها ممن لم يفرض لهن فريضة، فلم يشتمل عليها ظاهر الكتاب، وإن كان أبو العباس الحسني | خرج على المذهب أن من سمى دون عشرة دراهم يبلغ به عشرة، ولا يزاد عليها، فيجب أن يكون المعتمد على هذا الجواب هو(٣) الأول.
(١) أي: وعندكم تجب لها الخمسة كلها، وهذا خلاف النص.
(٢) لفظ شرح مختصر الطحاوي: قيل له: لم يختلف في استحقاق نصف المسمى بالطلاق قبل الدخول، وإنما الخلاف فيما زاد إذا كانت التسمية أقل من عشرة دراهم، وليس في الآية نفيه ولا إثباته، فحكمه موقوف على الدلالة، وقد كانت الدلالة على وجوبه، فصارت الآية موجبة لنصف المسمى، والدلالة موجبة للزيادة إلى تمام خمسة دراهم إذا طلق قبل الدخول.
(٣) «هو» ساقط من (ج، د).