شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 161 - الجزء 3

  على أن جويرية إن كانت في سهم ابن عمر فهو لا شك أعرف بحقيقة الأمر من عائشة، فيجب أن يحمل قول عائشة على قول ابن عمر وروايته.

  فإن قيل: فيحتمل أن يكون ذلك للنبي ÷؛ لأنه كان جائزاً له أن يتزوج بغير صداق، وذلك غير جائز لنا.

  قيل له: ليس في الحديث أنه تزوجها بغير صداق، وإنما فيه أنه جعل عتقها صداقها، فهو إذاً لم يتزوجها إلا بالصداق، وإنما جعل عتقها صداقها، وذلك مما لا حجة لكم فيه.

  ومما يدل على ذلك: أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة ومحمد أنه لو راضاها على ذلك ثم أعتقها فامتنعت من أن يتزوجها أن له عليها قيمتها تسعى فيها، فإذا ثبت ذلك ثبت أن هذا العتق قد ألزمها مالاً، فغير ممتنع أن يتزوجها على ذلك المال، ألا ترى أنه لو أعتقها على ألف كان له أن يتزوجها بذلك الألف؟ فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أنه تزوجها على مال موجب للعتق. وليس قولنا في صفة المال: «إنه موجب للعتق⁣(⁣١)»؛ لأنه من صفات العلة، بل لبيان جهة المال، وإلا فالعلة أنه تزوجها على مال، فليس لأحد أن يدعي علينا أنا زدنا في العلة وصفاً لا يؤثر.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون سبيله سبيل نكاح الشغار؟

  قيل له: لا يشبه ذلك نكاح الشغار من وجه، وذلك أن نكاح الشغار يقع عقده فاسداً؛ لأن فيه استثناء بعض ما أوجبه العقد على ما سلف القول فيه، ولا خلاف أن العقد الذي ذكرناه يصح، وإنما الخلاف في إيجاب مهر آخر سوى ما لزمها من القيمة. على أن نكاح الشغار ليس فيه إيجاب مال، وقد بينا أن ما اختلفنا فيه مال به انعقد النكاح.


(١) في (أ، ج): بالعتق.