باب القول في المهور
مسألة: [في المرأة تهب مهرها لزوجها ثم يطلقها قبل الدخول]
  قال: ولو أن رجلاً تزوج امرأة على مملوك فقبضته منه ثم وهبته له قبل أن يدخل بها على سبيل صلة الرحم إن كان بينهما، أو كانت الهبة لوجه الله تعالى، ثم طلقها قبل أن يدخل بها - لم يكن لها أن ترجع عليه فيما وهبته، وكان له أن يرجع عليها بنصف قيمة العبد، وإن كانت وهبته له استعطافاً له واستمالة لقلبه كان لها أن ترجع عليه بالعبد، وله أن يرجع عليها بنصف قيمته.
  وهكذا القول لو تزوجها على عين أو ورقٍ أو غيرهما.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  أما الكلام في أحكام الهبات وما يجوز الرجوع فيها وما لا يجوز فسيأتي في كتاب الهبات إن شاء الله تعالى.
  ووجه قولنا: إنها لو وهبت مستميلة لقلبه جاز لها الرجوع فيها أن هذه هبة على ما يجري(٢) مجرى العوض، فإذا فقدت العوض جاز لها الرجوع فيها، كما لو وهب واهب على عوض معين جاز له الرجوع فيها متى لم يصل إلى العوض.
  ووجه قولنا: إن الزوج يرجع عليها بنصف قيمة العبد: أن الطلاق يوم وقع لم يكن العبد في ملك المرأة، وكان في حكم المستهلكات(٣)؛ لأنها تملكه بالرجوع(٤) وإجابة الزوج أو حكم الحاكم، فإذا كان كذلك لم يستحق الزوج عليها إلا نصف قيمته؛ لأن سبيلها سبيل من أخذ العبد ثم استهلكه ثم طلقها الزوج قبل الدخول في أنه لا يرجع عليها إلا بنصف قيمة العبد، ورجوع العبد
(١) الأحكام (١/ ٣٣٦).
(٢) في (أ): هبة تجري على ما يجري.
(٣) في (د): المستهلك.
(٤) لفظ شرح القاضي زيد: وذلك لأنها لما وهبت من زوجها صار العبد مستهلكاً بفعل المرأة، وإذا عاد إليها فقد عاد بملك مستأنف، فصار كما لو باعته ثم ابتاعته أو عاد بالإرث في أن ليس للزوج عليها إلا القيمة.