باب القول في المهور
  أبعد [لك]»(١) فأخبر ÷ أنها قد استحقت المهر بما استحل من فرجها.
  وأما إذا كان الإسلام قبل الدخول فمن أيهما وقع كانت الفرقة من جهته، فإن كان الزوج هو الذي أسلم فالفرقة من جهته، فوجب أن يحكم لها بنصف المهر؛ لأن الفرقة إذا كان من جهة الزوج وجب ذلك.
  وإن كانت المرأة هي التي أسلمت دون الزوج فالفرقة من جهتها، فوجب ألا يحكم لها بشيء من المهر؛ لأن الفرقة متى جاءت من قبلها قبل الدخول بطل حقها من المهر.
  فإن قيل: إن الإسلام لا يوجب الفرقة، وإنما الموجب لها هو الكفر، فوجب أن يقال في المسألتين على الضد مما قلتم.
  قيل له: عندنا أن الإسلام قد يوجب الفرقة كما يوجبها الكفر؛ لأن الله تعالى حرم النكاح بين المؤمنين والكافرين، فلم يكن الكفر أن تتعلق به الفرقة أولى من الإسلام، فإذا ثبت ذلك كان الأولى أن يتعلق(٢) حكم الفرقة بالطارئ منهما دون الباقي؛ لأنه هو المجاوز للحكم، ألا ترى أنهما لو بقيا على ذمتهما لم تقع الفرقة بينهما، حتى إذا أسلم أحدهما حصلت الفرقة؟ فكان الإسلام هو المجاوز للحكم، فيجب أن يكون هو العلة، ألا ترى أن المسلمين إذا ارتد أحدهما حصلت الفرقة بينهما؟ فكان سبب الفرقة بينهما هو الكفر - إذ هو المجاوز للحكم - دون الإسلام الذي لو بقيا عليه لم تجب الفرقة.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن الإباء للإسلام هو الموجب للفرقة في مسألة الذميين، فيكون هو المجاوز للحكم، ويبطل على هذا ما ذهبتم إليه؟
  قيل له: ليس إباء من أبى منهما الإسلام أكثر من بقائه على الكفر، وليس
(١) أخرجه البخاري (٧/ ٥٥) ومسلم (٢/ ١١٣١).
(٢) في (د): يعلق.