باب القول في المهور
  وعمومه يقتضي ما ذكرناه.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}[البقرة: ٢٣٧] فأوجب لهن متى طلقن قبل المماسة نصف المهر، فوجب أن تخص بها(١) الآية التي تعلقتم بها؛ لأن هذه الآية أخص منها.
  قيل له: إن الآية قرئت على وجهين: فقرئت: {مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} و {تَمَاسُّوهُنَّ} والقراءتان كالروايتين، ويفيد قوله سبحانه: {مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} أن الحكم قد تعلق بالمس، فعلى هذا متى مسها بيده ثم طلقها يجب كمال المهر، فإذا ثبت ذلك فيمن مسها بيده فلم يفرق أحد بينها وبين من حصلت له الخلوة معها وإن لم يمسها.
  ويدل على ذلك ما رواه أبو بكر الجصاص بإسناده في شرح المختصر قال: قال رسول الله ÷: «من كشف خمار امرأة ونظر(٢) إليها وجب الصداق، دخل بها أو لم يدخل»(٣).
  وذكر أبو العباس الحسني | في النصوص بإسناده أن رسول الله ÷ قال: «من كشف عورة امرأة فقد وجب [عليه] صداقها»(٤) وكل ذلك يصحح مذهبنا دون مذهب الخصم.
  وروى هناد بإسناده عن قتادة عن الحسن عن الأحنف بن قيس أن علياً # وعمر قالا: (إذا أغلق باباً أو أرخى ستراً فالصداق لها كاملاً، وعليها العدة)(٥).
(١) في (أ، ج): به.
(٢) في المخطوطات: أو نظر.
(٣) شرح مختصر الطحاوي (٤/ ٣٩٢)، وفيه وفي سنن البيهقي (٧/ ٤١٨) وسنن الدارقطني (٤/ ٤٧٤): ونظر.
(٤) وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (١/ ٢٠٢).
(٥) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٥١٩).