شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الطلاق وتنوعه

صفحة 294 - الجزء 3

  والدليل على صحة ما ذهب إليه يحيى # قول الله تعالى: {اِ۬لطَّلَٰقُ مَرَّتَٰنِۖ}⁣[البقرة: ٢٢٩] فأخبر تعالى أن الطلاق أجمع مرتان بعدهما ثالثة، فوجب أن يكون ذلك حكم كل طلاق؛ لأن دخول الألف واللام يدل على الجنس إذا⁣(⁣١) لم يدل على العهد، فإذا ثبت ذلك وثبت أن من قال لامرأته: «أنت طالق ثلاثاً» مطلق مرة واحدة ثبت أن له أن يطلقها بعد ذلك تطليقة ثانية⁣(⁣٢) ثم تطليقة ثالثة بحكم الظاهر.

  فإن قيل: إن الظاهر يقتضي جواز وقوع الثلاث في طهر واحد؛ إذ ليس فيه ذكر⁣(⁣٣) وقوع كل واحدة منها⁣(⁣٤) في طهر.

  قيل له: هذا لا يمتنع منه على بعض الوجوه وإن كان الفاعل لذلك مخالفاً للسنة، وليس هذا بموضع الخلاف، وإنما الخلاف بيننا وبين خصومنا في هذا، وهو أن يقول الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، وقد ثبت أن الظاهر يقتضي صحة⁣(⁣٥) وقوع تطليقة ثانية بعدها، ثم تطليقة ثالثة بعدها على ما بينا، فصح ما ذهبنا إليه.

  فإن قيل: الآية تدل على جواز وقوع الثلاث في طهر واحد في ثلاث دفعات وإن لم تتخلل بينهن الرجعة، وإذا ثبت ذلك فلم يفرق أحد بين قوله: «أنت طالق ثلاثا» وبين ما ذكرنا، وإذا ثبت ذلك ثبت أن قوله: «أنت طالق ثلاثاً» موجب وقوع الثلاث.

  قيل له: نحن إنما استدللنا بالآية على أن الثلاث لا تقع بلفظة واحدة، فإذا


(١) في (ج، د): إذ.

(٢) في (أ، ج): ثبت بعد ذلك أن له أن يطلقها ثانية.

(٣) «ذكر» ساقط من (أ).

(٤) في (أ، ج، د): منهما. والمثبت من نسخة.

(٥) «صحة» ساقط من (د).