باب القول في صفة الطلاق وتنوعه
  والدليل على صحة ما ذهب إليه يحيى # قول الله تعالى: {اِ۬لطَّلَٰقُ مَرَّتَٰنِۖ}[البقرة: ٢٢٩] فأخبر تعالى أن الطلاق أجمع مرتان بعدهما ثالثة، فوجب أن يكون ذلك حكم كل طلاق؛ لأن دخول الألف واللام يدل على الجنس إذا(١) لم يدل على العهد، فإذا ثبت ذلك وثبت أن من قال لامرأته: «أنت طالق ثلاثاً» مطلق مرة واحدة ثبت أن له أن يطلقها بعد ذلك تطليقة ثانية(٢) ثم تطليقة ثالثة بحكم الظاهر.
  فإن قيل: إن الظاهر يقتضي جواز وقوع الثلاث في طهر واحد؛ إذ ليس فيه ذكر(٣) وقوع كل واحدة منها(٤) في طهر.
  قيل له: هذا لا يمتنع منه على بعض الوجوه وإن كان الفاعل لذلك مخالفاً للسنة، وليس هذا بموضع الخلاف، وإنما الخلاف بيننا وبين خصومنا في هذا، وهو أن يقول الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً، وقد ثبت أن الظاهر يقتضي صحة(٥) وقوع تطليقة ثانية بعدها، ثم تطليقة ثالثة بعدها على ما بينا، فصح ما ذهبنا إليه.
  فإن قيل: الآية تدل على جواز وقوع الثلاث في طهر واحد في ثلاث دفعات وإن لم تتخلل بينهن الرجعة، وإذا ثبت ذلك فلم يفرق أحد بين قوله: «أنت طالق ثلاثا» وبين ما ذكرنا، وإذا ثبت ذلك ثبت أن قوله: «أنت طالق ثلاثاً» موجب وقوع الثلاث.
  قيل له: نحن إنما استدللنا بالآية على أن الثلاث لا تقع بلفظة واحدة، فإذا
(١) في (ج، د): إذ.
(٢) في (أ، ج): ثبت بعد ذلك أن له أن يطلقها ثانية.
(٣) «ذكر» ساقط من (أ).
(٤) في (أ، ج، د): منهما. والمثبت من نسخة.
(٥) «صحة» ساقط من (د).